Français       Español           عربي             Deutsch         English   

       الصفحة الرئيسية
View World Tourism Exhibitions

آفاق السياحة الإسلامية
لطبع الصفحة

العدد 19

السياحة وكتابة الدستور

من خلال مشاركتنا في المعارض الدولية الخاصة بالسياحة والسفر، والتجارب الشخصية بالسفر خلال 58 سنة في أغلب البلدان العربية والأوروبية، برزت أمامنا تصورات ورؤى عن أبعاد السياحة الحضارية والمستقبلية للدول وشعوبها، حيث إن في السياحة تكمن الحرية والديمقراطية والصناعة والاقتصاد ورفاهية الشعوب وتطورها، وهي عامل من عوامل تذويب الفروقات بين الشعوب والقوميات والطوائف ومختلف مسببات التطرف، وقد قال الله سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} الحجرات/ 13.

لقد جرت العادة في كتابة الدساتير أنها تخص الأمور السياسية العامة، مثل فصل السلطات وتعيين حدود كل منها، وحقوق الفرد والمجتمع بشكل عام، ولكنها لا تتطرق بشكل خاص للأنشطة العلمية والثقافية، ومنها السياحة. وإن إغفال دساتير العالم عبر العصور للسياحة ومتطلبات إبرازها ودعمها دستوريا كان بسبب عدم تبلور هذا النشاط الإنساني مثله مثل كافة العلوم الحضارية والتكنولوجية التي جعلت من الكرة الأرضية كالمشكاة تنوّر وتبصّر الإنسان وتمكّنه من أن يرى ويسمع ويحس بأخيه الإنسان عبر الكرة الأرضية، فلم تعد هناك من فواصل بين الإنسان وأخيه. وستلعب السياحة الملتزمة دورا كبيرا في الدول الإسلامية، ومنها العراق الذي يحظى بنعم سياحية متنوعة إذا ما أحسن استخدامها والالتفات إليها وتأسيس البنية التحتية اللازمة لها بما لا يتعارض مع قيمنا ومعتقداتنا الدينية. ومن ضروريات ذلك أن يكون لها موقع في الدستور نفسه واهتمام خاص من قبل المشرعين.

وقد برز في الآونة الأخير دور منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة والتي أخذت تعقد المؤتمرات لوضع أسس السياحة في المستقبل، خصوصا فيما يتعلق بالجانب الأخلاقي وصيانة البيئة. وقد اقترحت اللائحة في مؤتمر للمنظمة  ÙÙŠ استانبول عام 1997Ù…ØŒ فتم في عام 1999 وضع لائحة من عشر نقاط تتضمن كيفية الحفاظ على الموارد السياحية في العالم وعدالة توزيع الفوائد الاقتصادية الناتجة من السياحة. وقد تبنتها الأمم المتحدة في عام 2001 بقرار خاص. وتقوم اللائحة على مبادئ الديمومة، وتتضمن إشراك الأهالي في التخطيط ومراقبة التطورات السياحية. وفيها تسع فقرات تتعلق بالوجهات السياحية، والحكومات، والشركات السياحية، ووكلاء السفر، والعاملين في القطاع السياحي، والمستثمرون والسياح أنفسهم. وأما الفقرة العاشرة فهي تتعلق بتطبيق ما جاء في اللائحة ذاتها من خلال تكوين وعمل اللجنة الدولية المشرفة على أخلاقيات مهنة السياحة. وقد ساهم في وضع اللائحة 70 دولة عضوة في منظمة السياحة العالمية، ومن خلال جهات رسمية وأهلية.

وإذا كانت السياحة تحظى بالاهتمام القانوني العالمي، وتتبناها جهة رئيسية في العالم، مثل الأمم المتحدة، فإن من الأولى أن تحتوي الدساتير العربية والإسلامية على نصوص تخص السياحة. ومن الجدير بالذكر أن عددا من الدول العربية، مثل مصر وتونس، وإسلامية، مثل أندونيسيا، تلعب دورا هاما في اللجنة الدولية المشرفة على أخلاقيات السياحة، كما أن الدول العربية بمجموعها تحوي وجهات سياحية متنوعة، تبدأ من سياحة الشواطئ وتنتهي عند السياحة الدينية، أو بالعكس، بحسب نوعية السياح الوافدين. مثلا أن الدول المغاربية العربية تهتم بسياحة الشواطئ والصحراء والسياحة الثقافية والسياحة العلاجية، ومصر لوحدها تضم أنواعا كثيرة من السياحة، فبالإضافة إلى ما تقدم، فإن لديها الأزهر ومسجد الحسين (ع) والسيدة زينب (رض) وغيرها من المساجد والأماكن الدينية. والمشرق العربي، يوفر كل هذه الأنواع من السياحة، مع خصوصية دينية متميزة، لا سيما في السعودية والعراق وفلسطين.

وبسبب الحساسية الدينية في المنطقة العربية، والأخلاق العربية الإسلامية والعرف الشائع، لا بد من وضع قواعد أخلاقية للسياحة تخص هذه المنطقة ويعرّف بها عالميا، وتمثل إضافة للائحة المنظمة العالمية للسياحة. ونفس الأمر يصدق على الدول الإسلامية الأخرى، لا سيما في جنوب شرق آسيا والمالديف وتركيا وبعض الدول الأفريقية.

ونظرا لكون دساتير أغلب الدول الإسلامية قد تمّ إنجازه في وقت لم تكن فيه للسياحة أهميتها الكبيرة، والتفكير بتعديلها وإضافة فقرات خاصة مستبعد من قبل الكثير من الحكومات المشغولة حاليا بقضايا أخرى، فإن العراق يوفر فرصة فريدة لإدخال مادة السياحة ضمن فقرات الدستور الجديد المنوي كتابته قريبا. وبالرغم مما يعانيه العراق اليوم من اعتداء صارخ على كل القيم الإنسانية من بعض الفئات المتسللة إلى العراق، فلا بد لهذا الظلام من أن ينجلي وأن تتعاون الدول المجاورة للقضاء عليه، لتشرق شمس الحرية على بلدانها، والحرية هي العمود الفقري للسياحة والمستقبل الزاهر لشعوبها.

ونأمل من معدّي ومشرّعي الدستور العراقي أن يعطوا أهمية كبرى للسياحة ومتطلباتها التنموية بكل أبعادها التي لا يسع المجال لتعدادها، حيث إنها تشمل كافة المعالم التاريخية والدينية والحضارية والمستقبلية والثقافية والصناعية والعمرانية، وعلى رأسها حرية السفر من وإلى العراق، خاصة وأن العراق تحيطه ست دول، كل منها له مميزات سياحية ودينية عالمية لا تتوفر في أي مجموعة متجاورة من الدول. والسياحة فيما بين هذه الدول وبينها وبين دول العالم لا تضاهيها أية ثروة أخرى، فيتطلب أمر استيعابها ثورة في دساتيرنا، ومنها ينطلق عملنا.

وندعو اللجنة المشرفة على صياغة الدستور إلى التعمق في دراسة أعداد مجلة السياحة الإسلامية، وأخبارها على الإنترنت، وخاصة موقع العراق، والتي هي الآن محل اهتمام الجامعات الأوروبية والعالمية، حيث إن هناك مقالات كثيرة كتبت حول السياحة في العراق، خصوصا مقالي: "هل سيصبح العراق قبلة السياحة العالمية؟" في العدد 7، و"السياحة النهرية" في العدد 8. وفي هذين المقالين تعداد لأهم المجالات السياحية في العراق، كما أن فيهما دعوة لاستثمار الأنهار والأهوار لأغراض السياحة.

ولما كان الوجه الغالب على السياحة في العراق حاليا هو السياحة الدينية، فقد ترك أمرها دون ضابط لكونها لا تشتمل على حساسية خاصة للعرف السائد، ولكن التفكير بفتح السوق السياحية العراقية أمام مختلف أنواع السياحة يحتاج إلى ضوابط يتوفر بعضها في لائحة المنظمة العالمية للسياحة والبعض الآخر يحتاج إلى دراسة تفصيلية ووضع ضوابط دستورية له. ومن ذلك ما جاء في اللائحة عن صيانة المجتمعات المحلية من التأثيرات السلبية للسياحة الوافدة على الجماعات المحلية، ومنها الجماعات الريفية ومجتمعات الأهوار وما شابهها.

ومن دون الدخول في التفاصيل القانونية، فإننا نعتقد أن مجرد الاهتمام بالسياحة ووضعها ضمن فقرات الدستور الجديد هو إشادة بدورها وحصانة لها أمام كل التحديات التي ستواجهها في المستقبل. كما أنها ضمانة لتعزيز الاستثمار في هذه الصناعة الحيوية، ولذا ينبغي أن تكون هناك إشارة إلى القطاعات التي ستستثمر في السياحة، مثل القطاع الحكومي، والأهلي والاستثمار العربي والأجنبي. وكذلك تنبغي الإشارة إلى أهمية تكوين البنية التحتية، مثل الإنشاءات السياحية والنقل وغيرها، وينبغي أيضا التنويه إلى مسألة إدخال السياحة ضمن المناهج الدراسية وإنشاء كليات متخصصة في جميع جوانب السياحة وتدريب الكوادر وتزويدها بالمعلومات التاريخية وأخلاق المهنة وتعلم اللغات الأجنبية. ولا بد من تكوين غرف سياحية تشترك فيها كافة الوزارات، ومنها وزارة السياحة، جنبا إلى جنب مع المؤسسات الأهلية والعاملين في هذه القطاعات، تشرف على كل أمور السياحة وتعنى بتنميتها وتطوير آفاقها.

وقد قدمنا بهذا الخصوص، ملفات ورسائل لرئيس الوزراء العراقي المؤقت الحالي، الدكتور إبراهيم الجعفري، كما إننا قدمنا نسخا منها للجنة القائمة على كتابة الدستور والجهات المعنية بأمر السياحة في العراق. ونحن نتوقع منهم أن يأخذوا الأمر موضع الجد، فالعراق بحاجة إلى الكثير من العمل المخلص لإعادة بنائه، وأفضل البناء ما كان قائما على تصورات صحيحة ومدروسة. وإذا جرت الإشارة الجدية إلى السياحة في الدستور العراقي، فسوف تكون تلك الإشارة بادرة خيرة للدول المجاورة، ودول العالمين العربي والإسلامي لأن ينحوا منحى مشابها، وفي ذلك الخير كل الخير للجميع.

نرجو من الله العلي القدير أن يوفقنا لخدمة بلداننا الإسلامية عامة وعراقنا الحبيب خاصة.

والله ولي التوفيق.

Copyright © A S Shakiry and TCPH Ltd. 

  Back
 
  
> 64 . العØ...
> 63 . سياح...
> 62 . آليØ...
> 61 . آليØ...
> 60 . الرØ...
> 59 . كيف Ù...
> 58 . أين Ø...
> 57 . كيف Ù...
> 56 . دبي Ø...
> 55 . الحØ...
> 54 . استر...
> 53 . سبل Ø...
> 52 . جامØ...
> 51 . النØ...
> 50 . المØ...
> 49 . ذكرÙ...
> 48 . مساØ...
> 47 . جذور...
> 46 . ملتÙ...
> 45 . دور Ø...
> 44 . أي Ù…Ù...
> 43 . السÙ...
> 42 . لنجØ...
> 41 . المØ...
> 40 . الرÙ...
> 39 . الرÙ...
> 38 . زيار...
> 37 . السÙ...
> 36 . السÙ...
> 35 . سياح...
> 34 . السÙ...
> 33 . الفÙ...
> 32 . فضاء...
> 31 . الفØ...
> 30 . المØ...
> 29 . أهمÙ...
> 28 . الجÙ...
> 27 . بغدا...
> 26 . حجاب...
> 25 . مشرÙ...
> 24 . الثÙ...
> 23 . السÙ...
> 22 . أرقØ...
> 21 . سياح...
> 20 . اللØ...
> 19 . السÙ...
> 18 . كيف Ø...
> 17 . الحØ...
> 16 . في رØ...
> 15 . الإØ...
> 14 . الأÙ...
> 13 . الضÙ...
> 12 . مهرØ...
> 11 . السÙ...
> 10 . السÙ...
> 9 . الأÙ...
> 8 . السÙ...
> 7 . هل س...
> 6 . نحو Ø...
> 5 . السÙ...
> 4 . السÙ...
> 3 . بين Ø...
> 2 . السÙ...
> 1 . نعم ....

 


Founded by Mr. A.S.Shakiry on 2011     -     Published by TCPH, London - U.K
TCPH Ltd
Islamic Tourism
Unit 2B, 2nd Floor
289 Cricklewood Broadway
London NW2 6NX, UK

Copyright © A S Shakiry and TCPH Ltd.
Tel: +44 (0) 20 8452 5244
Fax: +44 (0) 20 8452 5388
post@islamictourism.com