Français       Español           عربي             Deutsch         English   

       الصفحة الرئيسية
View World Tourism Exhibitions

آفاق السياحة الإسلامية
لطبع الصفحة

العدد 22

أرقامنا العربية والسياحة

لقد أخذت تساؤلاتي واهتماماتي حول الأرقام تتجسم يوماً بعد يوم منذ بداية الثمانينيات وذلك خلال نشري لمجلتي "الحذاء" و"الرداء" اللتين كانت محتوياتهما تنشر باللغتين العربية والإنكليزية، واهتماماتهما منصبة على الشؤون العلمية والاقتصادية والمهنية، بصفتهما مجلتين مهنيتين. وكانت طبيعة هذا النشر تتطلب في بعض محتوياته جداول وأرقاما، فكنت عند إعداد أو صدور كل عدد أشعر بضيق وألم حيث لا أرى أي مبرر لاستعمال نوعين من الأرقام، لاسيما أن الاثنين يعتبران عربيين، بالإضافة إلى أن الأرقام المشرقية هي أكثر صعوبة في الكتابة والقراءة واحتمال الأخطاء فيها أكثر. لهذا كله كان تكرار واستعمال نوعين من الأرقام في رأيي مضيعة للوقت والجهد ومعرقلاً للإبداع الفني والعلمي والمعرفي في التصميم والإخراج وغيرها من المبررات التي تعطي للأرقام العربية العالمية المميزات والأفضلية على غريمتها الأرقام المشرقية.

بمرور الأيام أخذت تزداد رغبتي وميلي نحو استعمال الأرقام العربية العالمية الحالية، العربية الأصل، والتي تستعمل في الغرب ومعظم دول العالم وتسمى بـ"الأرقام العربية"، بدلا من استعمال الأرقام المشرقية التي تسمى بـ"الأرقام الهندية". وللاختصار سوف نطلق اسم، الأرقام العربية العالمية، على الأولى، والأرقام المشرقية، على الثانية.

بعد هذا أخذت أصرّ على العاملين الذين يطبعون نصوص مواضيع المجلتين، وكذلك عند شرائنا لأجهزة الحواسيب (الكومبيوترز)، أن يستعملوا الأرقام العربية العالمية بدلا من الأرقام المشرقية، إلا أن برنامج الكومبيوتر العربي (السوفت وير) المعدّ كان يعمل في ذلك الوقت فقط على الأرقام المشرقية وكانت عملية تغيير الرقم من المشرقية إلى الأرقام العربية العالمية عملية معقدة وتستغرق وقتاً طويلاً حيث كان يتطلب تغيير كل رقم برقم، فكان هناك، نتيجة لذلك، خليط من الرقمين المشرقي والعربي العالمي في النصوص العربية، وظل هاجس التغيير يسيطر على فكري كلما أقوم بعمل تحرير و أو إصدار مجلة أو كتاب.

وعند إصدار كتابي (العبادات المالية في الإسلام) كان إصراري جلياً بأن لابد لي أن أنفذ ما أعتقده صوابا فأجعل أرقامه كلها وحتى أرقام الآيات القرآنية عربية عالمية بعد ما تأكد لي بأن الأرقام العربية العالمية هي الواعدة للمستقبل. وأقول استطرادا إن الأرقام المستخدمة حاليا في المغرب العربي هي الأرقام العربية العالمية، ولمسلمي شمال أفريقيا الفضل في إدخالها إلى أوربا مع دخول الإسلام إلى بلاد الأندلس، ولم ينقل لنا التاريخ بأن الدول المغاربية استعملت الأرقام المشرقية. نتيجة لذلك أصبح هناك رقمان مختلفا الشكل في كتاباتنا العربية وشمل حتى ترقيم الآيات القرآنية الكريمة، فهناك الرقم العربي العالمي للدول المغاربية والرقم المشرقي للبلاد التي تستعمل الرقم المشرقي.

 

تطور أرقامنا العربية مع عصر الحاسوب

عندما بدأ مؤسسو مؤسسة الديوان لإعداد البرامج الكومبيوترية باللغة العربية كانوا ثلاثة من الشباب العراقيين النابغين. وكانت برامجهم العربية، بطبيعة الحال، تعتمد على الأرقام المشرقية. وبعد عدة سنوات تطورت هذه البرامج وتزامن ذلك مع دخول شركات ومؤسسات أخرى في إعداد البرامج بالتعاون والدعم مع المؤسسات الكبرى مثلMICROSOF  ÙˆAPPLE  ÙˆØºÙŠØ±Ù‡Ù…ا.

بدأت البرامج تأخذ أبعاداً مختلفة لتلبية متطلبات الأمم ولغاتها، أما بقدر ما يتعلق الأمر بأرقامنا العربية فقد عمل برنامجان عربيان مختلفان واحد يحوي الأرقام المشرقية والآخر يحوي الأرقام العربية العالمية. وأخيراً تمكن المبرمجون من وضع الرقمين محل الاستعمال عبر الانتقال من الرقم المشرقي إلى الرقم العربي العالمي أو بالعكس بسهولة فائقة، أي بالنقر على عدة أزرار فيأتي الشكل المطلوب للرقم كما هو الحال في اختيار أنواع وأشكال الحروف الأبجدية والتي تتغير أشكالها وأحجامها حسب الطلب.

ولم يعد الرقم العربي المشرقي هو الوحيد في عالم الإعلام العربي المعاصر، فقد أخذت بعض التلفزيونات العربية في استعمال الأرقام العربية العالمية بدلاً من الأرقام المشرقية على شاشاتها إلا أن ذلك لم يتم على ما أعتقد على أسس استراتيجية أو منهجية منظمة فتارة تخرج البيانات بالأرقام المشرقية وتارة أخرى بالأرقام العربية العالمية وعلى نفس الشاشة، أي أن رياح التغيير في الأرقام أخذت تهب ولكن بشكل عشوائي. أما الصحافة المحلية العربية فلا تزال تتبع نظام الأرقام الذي تعتمد عليه بلدانها. وقامت الصحافة العربية الدولية مثل جريدة "الشرق الأوسط" و"الحياة" و"القدس" وغيرها بالاعتماد على الأرقام العربية العالمية بدلا من الأرقام المشرقية التي تتبعها بلدانها. وبالرغم من ذلك فقد بقي الكثير من ناشري الكتب والمجلات العربية غير مدركين لمشكلة الأرقام، وهم في ذلك تبع على ما يجري في محيطهم. أما المناهج الدراسية فلم نسمع أو نقرأ عن بوادر تغيير في أي قطر من الأقطار للأحرف المألوفة عندهم.

 

أهمية الأرقام في السياحة

لا يخفى على أحد أن السياحة والسفر أصبحتا معلمتين عصريتين من معالم الحضارة العالمية ولا يمكن لأي إنسان الاستغناء عنهما. وأهميتهما هي كأهمية الغذاء والهواء والعلاج للنفوس والأبدان. وهي أهم باب من أبواب الثقافة الإنسانية. ورب سائل يسأل ما علاقة الأرقام بالسياحة. والجواب هو أن ثلث مخاطبة الشعوب لبعضها البعض، مع اختلاف لغاتها، يعتمد على الأرقام. فإذا كانت الأرقام موحدة، فيمكن لكل إنسان أن يستنتج معانيها، وهي شبه موحدة لأغراض السياحة والسفر. وإذا كانت الأرقام متغايرة، فإن اللوحة تكون بيضاء أو سوداء أمام غير الملم بلغة البلد الذي قصده سائحا.

هل حان الوقت لتقوم الجامعة العربية، ومجامع اللغة العربية، بمبادرة ثورية لتغيير وتوحيد أرقام أمتنا العربية وذلك بالدعوة إلى تغيير الأرقام من المشرقية إلى العربية العالمية، في كافة الدول العربية التي تستعمل الرقم المشرقي وتنفيذ عملية التغيير بشكل علمي منظم كما هو جاري اليوم في أوربا التي بدأت بتوحيد عملة خمس وعشرين دولة إلى عملة موحدة، هي اليورو؟ وهل أن استرجاع ما أخذ منا من شكل الأرقام التي لازالت تسمى باسمنا في كل أنحاء المعمورة ووضعها محل أرقامنا المشرقية التي لم تعد تصلح مع علوم التكنولوجيا الحديثة هي مسألة مستحيلة أو صعبة أو معقدة؟

الجواب حتما: لا، إنها عملية سهلة بمنتهى السهولة بعدما مكنت أجهزة الكمبيوتر والبرامج المعدة لها من ذلك، فباستطاعة العاملين على أجهزة الحاسوب اليوم القيام بالضغط على بعض الأزرار لتغيير الأرقام من شكل لآخر في النص العربي بكامله وكافة النصوص المطبوعة على الكومبيوتر مهما كانت أشكالها أو أنواعها.

ولابد لأمتنا إذا أرادت أن تدخل العولمة ويتعرف العالم على تراثها وحضارتها من تغيير الأرقام من المشرقية إلى العربية الدولية وبذلك تحل 33% من لغة التفاهم ما بين الأمم وتسهل مهمة الباحثين والقارئين. وستتضاعف الفائدة بنسة عالية في حقول الإبداع الفني والإنتاجي. وإن كل ما هو سلبي في أرقامنا المشرقية من مشاكل وعزلة عن مواكبة حضارة الأرقام العالمية سيكون إيجابي في حالة التغيير إلى أرقامنا العربية العالمية.

لكل ما جاء أعلاه لابدّ من استرجاع أرقامنا العربية لتعود وتعيش في أحضاننا ولتكون أداة لوحدتنا وباباً ندخل من خلاله العولمة.

عودة أرقامنا العربية إلى أحضان الأمة

ينبغي أن يقدم مشروع تغيير الأرقام في اجتماع الملوك والرؤساء العرب، لاقرار الموافقة، لبدء تفاصيل اعتماد الأرقام العربية العالمية لتحل محل الأرقام المشرقية التي تستعمل حالياً في معظم الدول العربية، على أن يتم التغيير خلال مدة زمنية لا تتجاوز الثلاث سنوات أو على أقصى حد الخمس سنوات.

ويجب تكوين لجان علمية من قبل وزارات التعليم ووزارات التخطيط ووزارات الإعلام والثقافة كلاً على حدة، لتضع توصياتها، وبعدها يجتمع ممثلو هذه اللجان في اجتماع موسع لإقرار الصيغة النهائية لوسائل وطرق التغيير ومواعيد تنفيذها.

لنجعل من هذا التغيير في الأرقام ثورة علمية ثقافية تتفجر من خلالها طاقات أمتنا العلمية والإبداعية، خاصة في علوم الحاسوب والبرمجة والتنظيم من خلال فسح المجال والاعتماد على الأفراد والقطاع الخاص لكي يأخذ دوره في العمل والمشاركة في عملية التغيير، وبذلك تتفتح آفاق العمل والرزق أمام آلاف المفكرين والمبدعين من أمتنا، وننقذ بذلك عملية التغيير الكبرى في الأرقام من روتين دوائر دولنا.

لقد أخذت أعرق اللغات تستبدل أرقامها التقليدية بأرقامنا العربية، مثل الصين واليابان وغيرهما من دول آسيا والعالم، ولم يبق من اللغات التي لم تلتحق بالركب العالمي إلا القليل، ومنه الدول العربية، فهل من مجيب لدعوتنا الرامية إلى إعادة أرقامنا العربية إلى أحضان حروف الأبجدية العربية بأشكالها الجميلة؟

والله ولي التوفيق.

 

عبد الصاحب الشاكري

Copyright © A S Shakiry and TCPH Ltd. 

  Back
 
  
> 64 . العØ...
> 63 . سياح...
> 62 . آليØ...
> 61 . آليØ...
> 60 . الرØ...
> 59 . كيف Ù...
> 58 . أين Ø...
> 57 . كيف Ù...
> 56 . دبي Ø...
> 55 . الحØ...
> 54 . استر...
> 53 . سبل Ø...
> 52 . جامØ...
> 51 . النØ...
> 50 . المØ...
> 49 . ذكرÙ...
> 48 . مساØ...
> 47 . جذور...
> 46 . ملتÙ...
> 45 . دور Ø...
> 44 . أي Ù…Ù...
> 43 . السÙ...
> 42 . لنجØ...
> 41 . المØ...
> 40 . الرÙ...
> 39 . الرÙ...
> 38 . زيار...
> 37 . السÙ...
> 36 . السÙ...
> 35 . سياح...
> 34 . السÙ...
> 33 . الفÙ...
> 32 . فضاء...
> 31 . الفØ...
> 30 . المØ...
> 29 . أهمÙ...
> 28 . الجÙ...
> 27 . بغدا...
> 26 . حجاب...
> 25 . مشرÙ...
> 24 . الثÙ...
> 23 . السÙ...
> 22 . أرقØ...
> 21 . سياح...
> 20 . اللØ...
> 19 . السÙ...
> 18 . كيف Ø...
> 17 . الحØ...
> 16 . في رØ...
> 15 . الإØ...
> 14 . الأÙ...
> 13 . الضÙ...
> 12 . مهرØ...
> 11 . السÙ...
> 10 . السÙ...
> 9 . الأÙ...
> 8 . السÙ...
> 7 . هل س...
> 6 . نحو Ø...
> 5 . السÙ...
> 4 . السÙ...
> 3 . بين Ø...
> 2 . السÙ...
> 1 . نعم ....

 


Founded by Mr. A.S.Shakiry on 2011     -     Published by TCPH, London - U.K
TCPH Ltd
Islamic Tourism
Unit 2B, 2nd Floor
289 Cricklewood Broadway
London NW2 6NX, UK

Copyright © A S Shakiry and TCPH Ltd.
Tel: +44 (0) 20 8452 5244
Fax: +44 (0) 20 8452 5388
post@islamictourism.com