«العيدية» تقليد جميل يمكن للأسرة أن تحوله إلى درس للعطØ

القاهرة: «الشرق الأوسط»

مازالت العيدية في مصر تحتل مكانة متميزة في عيد الفطر المبارك، فهي لم تعد قاصرة على الأطفال الذين ينتظرونها لشراء ما يحلو لهم في العيد ولكنها باتت جزءا من الطقوس العائلية حتى بين الزوجة وزوجها.

فالعديد من الزوجات بتن يحصلن على العيدية من أزواجهن بل يصررن على أن تكون أوراقا مالية جديدة مثلهن في ذلك مثل الأطفال.

وتتحدد قيمة العيدية على حسب مستوى الأسرة الاجتماعي والاقتصادي فهي تبدأ بجنيه واحد في الطبقات الشعبية وتنتهي بمائة جنيه بين الأغنياء.

لكن رغم ما للعيدية من مكانة في نفوس العديد منا وأهمية بالنسبة لكل الأطفال، إلا أنها لها أيضا أصول وقواعد يجب ألا نتغاضى عنها لأنها من الممكن أن تسهم في بلورة سلوك الطفل. هذا ما تؤكده الدكتورة منال عمر، استشارية الطب النفسي للأطفال، التي تقول: «نعم العيدية هامة في حياتنا نحن المصريين والعرب، وبخاصة عندما نحصل عليها من الأجداد الذين يتفانون في إظهار محبتهم لأحفادهم بقدر ما يعطونهم من أموال وهدايا، ولكن من الخطأ أن نعطي لأبنائنا أموالا كثيرة في صورة عيدية، ونتركهم ينفقونها من دون أن نعرف أين وكيف أنفقوها. صحيح انه من حقهم علينا أن ينعموا بقدر من الحرية في التصرف في العيدية التي يحصلون عليها، ولكن علينا تعريفهم أنهم لا يستطيعون إنفاقها كلها في نفس الوقت وشراء كل ما يرغبون به».

وتؤكد الدكتورة منال إن علينا أن نستغل فرصة وجود أموال مع أبنائنا، أيا كانت قيمتها، وحثهم على العطف على الفقراء، أو شراء هدية بسيطة لصديق أو زميل لا تستطيع أسرته منحه هدية، أو السؤال عن جار يقاربهم في العمر ولكنه لا يناسبهم في المستوى الاقتصادي، كل هذه الأمور تبث في نفوس الأبناء الرحمة وإدراك قيمة المال من دون تبذيره إلى جانب إحساسهم بغيرهم من المحتاجين والفقراء.

وهذه الأيام تفضل بعض الأمهات عدم منح أبنائهم أية نقود واستبدالها بشراء هدايا وألعاب يقدمنها لهم في أول أيام العيد، ويفضلن أن يفاجئهم بهذه الهدايا، إذ يتعمدون عدم اصطحابهم لشرائها وإخفائها عنهم حتى لا يغيب عنصر المفاجأة، وهو ما لا توافقهن عليه الدكتورة منال، التي تقول إنه من الأولى بهن أن يصطحبن الأبناء معهن عند شراء الهدايا، ومناقشتهن في ما يردون شراءه وعرض الميزات والعيوب الخاصة بكل لعبة ومشاركته في الاختيار من دون إجبار.

ويقول عيد إبراهيم، احد أصحاب محلات ألعاب الأطفال في منطقة وسط القاهرة، إن العيدية تشكل مسارا فارقا لديه خلال أيام العيد، حيث يقبل الأطفال عادة على شراء الألعاب من نقود عيديتهم التي ينتظرونها من العيد للعيد. ويضيف انه يأخذ بعين الاعتبار أن تكون الألعاب منخفضة السعر حتى تتواءم مع عيدية الغالبية العظمى. كما يقول ضاحكا إنه بالإضافة إلى كونه بائع ألعاب وهدايا، أيضا أب وابن، يحرص على أن يعطي العيدية لأولاده، كما يحرص رغم انه جاوز الخامسة والثلاثين على إن يحصل على العيدية من والده. أما الدكتورة هدى السيد استشارية نفس أطفال فتنادي باستغلال فرصة العيدية لتعليم الابناء قيم ومثل عليا خاصة، تترسخ في أنفسهم مع مرور السنين، فهي ترى إن عادة الادخار، وعدم التبذير يمكن أن نعلمها للأطفال عندما نقدم لهم عيديتهم.

كما أن عادة العيدية يجب أن تمتد من منحها لأبناء الأسرة، إلى منحها لأبناء الجيران والأصدقاء والفقراء، لان من حق الجميع أن يفرح خلال العيد، وبالتالي فإن العيدية وما تمثله من عطاء يجب أن تمتد لتشمل الذين لا يملكون أن يمنحوا عيدية لأولادهم.