قونيه: تراث مولانا جلال الدين الرومي
05/05/2006

بقلم وعدسة ديريك مكغرورتي

السفرة إلى قلب الأناضول هي رحلة طويلة عبر امتداد شاسع من الأراضي المنبسطة الريفية. والاستراحة المدهشة والمفرحة هي التوقف عند مدينة قونيه الكبيرة المليئة بالحركة وموطن التصوف.

وهناك تطورات حديثة ولكن الجزء القديم هو "قطعة من التاريخ". وبالنسبة لمدينة تعداد سكانها نحو 600 ألف نسمة، فهي لا تشبه أية مدينة تركية أخرى زرتها. والكثير من النساء محجبات، والمطاعم لا تقدم الخمور وهناك إحساس عام بالحشمة. وفي قونيه حدائق مروية، وعدد من المساجد الجميلة، والتكية المولوية للدراويش الدوارين.

وكانت قونيه في عهد الإمبراطورية الفارسية وكانت تسمى "آيكونم" المدينة الحدودية لفرايره. وكانت أيضا عاصمة سلطنة الروم التي تأسست في القرنين الثاني والثالث عشر الميلاديين على يد السلاجقة. وقد جذبت إليها حرفيين وفلاسفة من أقاصي العالم، وكان من بينهم المتصوف الفارسي جلال الدين الرومي (1207-1273م).

وقد تأثر الرومي منذ صباه بالتصوف الإسلامي، وانعكس هذا الجانب في شعره الغنائي. وفي عام 1244م أصبح من أتباع الشيخ شمس الدين، وهو درويش كان يعيش في تبريز، وكان يأمل في أن يقضي حياته في نظم الشعر الذي يعبر عن مشاعره تجاه هذا الرجل الروحاني. وقد اختفى شمس الدين في عام 1247م من دون أن يترك أثرا، فنظم الرومي قرابة 30 ألف بيت يعبر فيها عن حزنه لفقد أستاذه.

وكان لصداقاته الروحانية بعد ذلك أثر في وحيه الشعري. وكان لهذا تأثيره الكبير على الأدب والفكر الإسلامي. وأصبح يعرف في شيخوخته بـ"مولانا"، وبعد وفاته في 1273م أصبح قبره مزارا. وأدى اهتمامه طوال عمره بالدروشة إلى تكوين طريقة تتبع تعاليمه واعتقاداته، تسمى "دراويش مولانا"، والذين يكثرون من السفر. وهم يقومون حتى يومنا هذا بطقوسهم التي تتمثل بالرقص الدوار، في يوم وفاته. ويعتقدون أن الدوران المستمر يولد حالة من الجذب (أو التجلي الروحي. ولا بد أنه منظر يستحق المشاهدة في موقعه المناسب ولكن في زيارتي القصيرة شاهدت فقط النماذج الخزفية للراقصين، بقبعاتهم الطويلة وثيابهم الطويلة، في محلات التحفيات.

وقبر مولانا الموجود في جانب من المسجد له منظر رائع. والقبة الخضراء لتكية مولانا تضم جثمان الرجل المقدس وقبور خلفائه. وكل قبر مغطى بقماش سميك مطرز بالذهب تعلوه عمامة بيضاء كبيرة. وهناك صندوق صدفي صغير فيه بعض بقايا نفيسة من شعر لحية النبي (ص). وهذا هو أهم مزار مقدس في تركيا. وقاعة الدراويش والمسجد أعيد بناؤهما في القرن السادس عشر من قبل سليمان القانوني.

تركت قونيه بعد الظهر وصورة المدينة ما تزال في ذاكرتي وأنا أعاود الرحلة في الأراضي الزراعية المنبسطة.

معلومات مفيدة

هناك شبكة متكاملة من سيارات النقل الرخيصة والمكيفة والتي تصل إلى جميع أنحاء تركيا.

ودليل برلتز السياحي مفيد لاصطحابه في السفرة وهو مليء بالصور الجيدة والمعلومات التاريخية الموجزة عن المواقع الكبيرة. وتأشيرة الدخول تكلّف نحو عشرة جنيهات استرلينية وتحصل عليها في المطار.