السياØØ© الإسلامية: 25 نوÙمبر/تشرين الثاني2008
القاهرة - منير الÙيشاوي
"مصر هبة النيل" تعبير غني بالبلاغة أطلقه المؤرخ الإغريقي "هيرودوت" إبان زيارته لمصر ÙÙŠ القرن الخامس قبل الميلاد، عبّر Ùيه عن عظمة هذا النهر السارية مياهه ÙÙŠ عروق مصر والمصريين، جالباً معه الخيرات وأسباب الØياة عبر رØلة طويلة تبلغ 6695 كم مرورا بعشر دول Ø¥Ùريقية ØŒ تنتهي ÙÙŠ شمال مصر بÙرعين يمثلان ما يسمى بـ"دلتا نهرالنيل"ØŒ Ø£Øدهما يدعى "Ùرع رشيد" وينتهي عند مدينة رشيد القريبة من الإسكندرية، والآخر"Ùرع دمياط" وينتهي عند شبه جزيرة رأس البر، بتلامس إعجازي ساØر مع مياه البØر الأبيض المتوسط. وتتجسد معجزة هذا التلامس (وليس المصب) ÙÙŠ عدم مخالطة المياه العذبة لنهر النيل مع المياه المالØØ© للبØر على الرغم من التقائهما، مصداقا لقول الله تعالى ÙÙŠ كتابه العزيز ÙÙŠ "سورة الرØمن":"مرج البØرين يلتقيان، بينهما برزخ لا يبغيان"ØŒ بمعنى أن الله تعالى قد أرسل مياها مختلÙØ© ÙÙŠ الخواص والمذاق ÙÙŠ البØرين، وقدر لهما أن يلتقيا عند نقطة تماسهما، وبإعجاز إلهي لا يقدر عليه سواه عز وجل جعل بينهما مانعاً أو Øاجزاً غير مرئي للمشاهد أشارت إليه الآية الكريمة بـ"البرزخ" يمنع اختلاط العذب ÙˆØ§Ù„Ù…Ø§Ù„Ø Ù…Ù† هذه المياه، كي لا تÙقد كل منها خواصها التي خلقت من أجلها. وقال تعالى "لا يبغيان" أي لا يبغي أو يطغي Ø£Øدهما (النهر أو البØر) بأن يصب ÙÙŠ مجرى الآخر. يالها من معجزة إلهية، تتجلى ذروة روعتها عند مشاهدتها ورؤيتها رأي العين ÙÙŠ موقعيها الأصليين، وخصوصاً ÙÙŠ شبه جزيرة رأس البر.
تعد منطقة اللسان برأس البر بمثابة Ù…Ø³Ø±Ø Ø·Ø¨ÙŠØ¹ÙŠ Ù…ÙØªÙˆØ Ù„Ù…Ø´Ø§Ù‡Ø¯ تجسد وتÙسر آيات قرآنية على أرض الواقع وتشهد بمعجزة إلهية. وقد أطلق على هذه المنطقة اسم "اللسان" نسبة إلى ذلك النتوء الصخري الطبيعي المطل على كليهما (النهر والبØر) عند نقطة تلامسهما والممتد ما بين المياهين ÙÙŠ شموخ، والذي تطور Øالياً بأيدي المصريين Ù„ÙŠØµØ¨Ø Ù†ØªÙˆØ¡Ø§Ù‹ Øجرياً أسمنتياً لدعمه ÙˆØمايته من عوامل التعرية والتآكل.
ويبلغ طول اللسان Øوالي مائتي متر، وعرضه Øوالي عشرين متراً، لا يصد ضغط المياهين بقدر ما هو شاهد عليهما، ÙØين مشيت عليه كان النيل إلى يميني والبØر إلى يساري وأمامي. وعند نهايته ميدان دائري يتوسطه Ùنار متوسط الإرتÙاع. وإلى يمين هذا الميدان، هناك مضيق Ù…Øدود بكتل Øجرية تنتهي بÙنار آخر صغير. Ùˆ ما بين الÙنار الصغير واللسان تقع نقطة تلامس المياهين، والتي كانت Øتى أوائل السبعينيات من القرن الماضي مرئية Ø¨ÙˆØ¶ÙˆØ Ø¨Ø§Ù„Ø¹ÙŠÙ† المجردة، نتيجة اختلا٠لوني المياهين، Øيث كانت مياه النيل مختلطة آنذاك بالطمي الذي كان يكسوها باللون البني المائل للإØمرار، قبل Øجز السد العالي للطمي ÙÙŠ السنوات اللاØقة؟. وكان اختلا٠اللون هذا عن مياه البØر بزرقته الصاÙية المائلة للإخضرار مشهداً مذهلاً ورائعاً لخط طبيعي ÙˆØ§Ø¶Ø ÙŠØ´ÙŠØ± إلى عدم اختلاط المياهين، وهو ما ليس متوÙراً ÙÙŠ الآونة الØالية لتماثل لونيهما.
ولغرض التØديد الدقيق لموقع البرزخ، قمنا بخوض غمار تجربة مثيرة، Øيث ركبنا Ø£Øد القوارب وقررنا العبور به من النيل إلى البØر والعكس لنرى ماذا سيØدث. وكانت بØÙ‚ رØلة مثيرة، Øيث سار بنا القارب Ùوق صÙØØ© النيل المستقرة بسهولة ويسر، ÙˆÙجأة أعلن البرزخ عن Ù†Ùسه وموقعه Øيث باغتنا القارب بالقÙز إلى أعلى والإرتطام بصÙØØ© المياه، مع الإرتجاج بشدة يمنة ويساراً لبضع ثوان. وهنا بالضبط إنتقلنا إلى مياه البØر، واستقر بعدها مساره على صÙØØ© مياه البØر المضطربة جراء Øالة الموج والمد والجزر. ÙˆÙÙŠ رØلة العودة إلى النيل ثانية Øدث العكس، Øيث صÙع القاع الخارجي للقارب صÙØØ© مياه النهر بشدة أيضاً وشعرنا أن القارب قد غاص قليلاً ÙÙŠ الماء.
تعد مدينة رأس البر، الواقعة على بعد 210 كم شمال القاهرة، منتجعاً صيÙياً مصرياً شهيراً، كان Øتى ستينيات القرن الماضي يقصده علية القوم ومشاهير المجتمع من طبقة الباشوات والØكام والÙنانين، ولكن مع تطور المدن الساØلية الأخرى انسØب هؤلاء منها بØثاً وراء الجديد. إلا أن رأس البر ØاÙظت على طبيعتها التي تتسم بالبساطة والهدوء والأمان، والتÙرد ÙÙŠ الطابع المعماري البسيط والمتلخص ÙÙŠ صيغة الÙيلات المقسمة إلى شقق بارتÙاعات غير Ù…Ø³Ù…ÙˆØ Ø¨Ø£Ù† تتعدى الثلاثة طوابق باستثناء بعض الÙنادق المعدودة. وتتخذ مدينة رأس البر شكل شبه جزيرة صغيرة الØجم، Ùطولها لا يتعدى الخمسة كيلو مترات وعرضها كيلو مترين عند أطول أضلاعها، وهي مدينة صيÙية بالأساس، Øيث يرتادها راغبو الإستجمام ÙÙŠ شهور الصي٠وبعض من الربيع والخريÙ. وهم يستمتعون ÙÙŠ Ø§Ù„ØµØ¨Ø§Ø Ø¨Ø£Ù‡Ù… مواقعها، وهي: شاطىء البØر، وشاطىء النيل (الجربي)ØŒ ومنطقة اللسان. Ùشاطىء البØر ذو الرمال الصÙراء يعج بالØركة، Øيث ينصب المصطاÙون المظلات ويجلسون تØتها، ويمارس الباقون كاÙØ© ألعاب ورياضات البØر. أما شاطئ النيل بضÙØ© رأس البر والذي يدعى"الجربي" Ùله طابع آخر، Øيث تصط٠المقاهي والكاÙيتريات والمطاعم والنوادي والمساجد ÙÙŠ ص٠واØد متجاورة بإطلالة على صÙØØ© النهر الخالد.
|