قبرص: جزيرة الطبيعة والطيور المهاجرة

قبرص- خالد الضبابي

عندما تيمم وجهك لزيارة أي بلد من بلدان العالم الفسيح، فإن ثمة شعور ينتابك بين حين وآخر، وقد يختلف هذا الشعور من إنسان إلى آخر، ومن مكان إلى آخر، فأحيانا يتولد لديك إحساس بالملل والضجر بمجرد الوصول إلى الأرض التي تقصدها، وحينا آخر تشعر بالسعادة وراحة البال لمجرد الوصول.

ولكن الأمر يختلف تماما عندما تطأ قدماك أرض جزيرة قبرص الأوروبية، حيث يتولد لديك الشعور بالسعادة التامة وراحة البال، وليس هناك ما يدعو للضجر والملل، فالجزيرة برغم صغرها وقلة عدد سكانها تحتل مرتبة متقدمة في خارطة السياحة الدولية، وذلك بسبب ما تمتاز به هذه الجزيرة من خصائص جذب طبيعية وبشرية مختلفة؛ بالإضافة إلى وجود ذلك السلوك الطيب الذي يمتاز به أهل هذا البلد الجميل في طرق التعامل مع السائحين وكيفية استقبالهم، فالابتسامة هي ميزة جميلة يمتاز بها أهل هذا البلد الجميل.

وتشعر بالدفء والحنان حال وصولك مطار لارنكا، وتحس أنها جزيرة سياحية من الطراز الأول والسفر إليها شيء لابد منه لاسيما عند أولئك الأشخاص الذين يفضلون الابتعاد عن الضوضاء وروتين الحياة اليومية حيث توفر الجزيرة لهم الأمن وصفاء الذهن.

وقبرص جزيرة يفوح منها عبق التاريخ وسحر الماضي لكونها كانت مسرحا لآلهة الميتولوجيا اليونانية، أفروديت. وحكمها عبر قرون مختلفة حكام متعددون، فتناوب عليها المصريون والآشوريون والفرس، وخلفهم الإسكندر الكبير والرومان على حكمها قبل اخضاعها للإمبراطورية البيزنطية وهذا هو سببب ثراء تاريخها الزاخر بالعديد من الاماكن التاريخية والسياحية.

وقد يممت وجهي شطر هذه الجزيرة مؤخرا، ولم يكن ذلك بغرض التنزه والتجوال أو قضاء وقت فراغ وإنما بدعوة كريمة من إدارة المعهد العالي للفندقة في قبرص للمشاركة في الدورة التدريبية التي يعقدها هذا المعهد سنويا والخاصة بمجال إدارة الضيافة والسياحة.

كان المشاركون في هذه الدورة من بلدان مختلفة، أهمها اليمن وفلسطين ومصر والأردن وسوريا وإيران والهند والمالديف وأرمينيا وبلغاريا ودول أخرى، حيث بلغ عدد المشاركين في هذه الدورة خمسة وعشرين متدربا من كلا الجنسين تتراوح أعمارهم بين 20-40 سنة.

برنامج الدورة

كانت هناك محاضرات حول الإدارة السياحية والفندقية قدمها خبراء وأساتذة متخصصون في المجال السياحي والفندقي، وزيارات ميدانية إلى أهم المنشآت الفندقية وباختلاف مستوياتها، ثم زيارات ميدانية إلى المناطق السياحية والتاريخية في كل من نيقوسيا وليماسول ولارنكا وبافوس، بالإضافة إلى توفير العديد من التسهيلات للمتدربين، كان أهمها توفير سكن داخل المعهد لجميع المشاركين في الدورة بالإضافة إلى توفير المراجع الخاصة بالسياحة والفندقة وكذلك توفير خدمة تصفح الانترنت لغرض إتاحة الفرصة أمام المشاركين في الدورة للاطلاع والبحث عن كل جديد في هذا المجال.

ربما كانت الفترة قصيرة لتنفيذ هذا البرنامج، إلا أن الدورة حققت العديد من الأهداف، كان أبرزها تعريف المشاركين بأهم دعائم إدارة السياحة والفندقة وكذلك مناقشة العديد من المشاكل السياحية في بلدان العالم المختلفة، بالإضافة إلى أن كل مشارك في هذه الدورة قدم شرحا مفصلا عن واقع السياحة في بلده، وعرض أهم المعالم السياحية فيها، وذلك بغرض زيادة تعزيز مفهوم السياحة البينية خصوصا بين وفود الدول المشاركة.

نأمل من كل الدول، لاسيما تلك التي نالت حظا أوفر من صناعة السياحة، أن تحذو حذو قبرص، لا سيما في مجال دعم التعليم والتدريب في المجال السياحي، وذلك بهدف خلق صناعة سياحية متقدمة في كل بلدان العالم.