المعابد الاثرية في ادلب..تروي قصة الحضارة

تفاعلت على ارضها اقدم الحضارات واجتمعت فيها اسباب الحياة، احدى المحافظات السورية في الشمال لكنها بمثابة القلب النابض فيها تتالت الحضارات من العمورية والايبلائية والسريانية الى ان توجت في الحضارة العربية الاسلامية...انها محافظة ادلب التي تركت تلك الحضارات فيها بصماتها واثارها الثقافية والفنية في مئتي تل تاريخي وتجلت في ثلاثمئة بلد اثري توزعت في مختلف انحاء المحافظة راوية قصة الحضارة وعظمة الانسان العربي فيها منذ سالف العصر وابد الدهر.

فهي غنية جداً بثرواتها الطبيعية ومخلفاتها التاريخية واوابدها الاثرية وسوف يجد الزائر لهذه المحافظة مايصبو اليه من التسامي الروحي والعظمة الحضارية والمتعة السياحية مالا يجده في منطقة اخرى والمعابد الدينية تنوعت في جمالها وغرضها وسوف نستعرض اهم هذه المعابد: ‏

كنيسة الرويحة الشمالية ‏

مدينة الرويحة الاثرية فيها كنيستان جنوبية ذات طراز جديد ونسق عمراني فريد مبنية في مطلع القرن الرابع الميلادي اخذت شكل كاتدرائية بصحون ثلاثة تفصلها اعمدة متوجة ومن جنوبها بناء قائم على اعمدة متوجة كان يستعمل للتنسك والعبادة.

اما الكنيسة الشمالية فهي اكبر كنيسة في المنطقة وذات اسلوب عمراني متميز في واجهتها الامامية برجان يدعمان مدخلها الشاهق ويتألف بناؤها من بلاطات ثلاث حدوية الشكل تتميز اقواسها من صفين بنصف دائرة من العهد البيزنطي تحمل السقف السنامي ومن فوقها المناور لادخال الضوء الى الداخل ويوجد حنية من الشرق شملتها الزخارف من جميع نواحيها وازدانت غنى في وجهة مدخلها الشاهق الذي يعد اوسع باب كنائسي في القطر.وينتصب على طرفي حنيتها قبران عظيما البنيان احداهما بسقف سنامي والاخر ذو قبة ينسب الى ( بيزوس باردوس) ويحيط بالبناء سور شيد بقوة من الحجارة الكلسية الضخمة كما في بناء الكنيسة وثمة بناء صغير عبارة عن محرس من جهة الشمال وللكنيسة علامة القدسية وقد كانت مأماً للحجاج والزوار.‏

كنيسة الحصن في البارة ‏

كاتدرائية تعد من ابرز الاوابد الاثرية بكاملها وهي تهيمن بموقعها الجغرافي على الطريق القديمة من تحتها تجاه قلعة ابوسفيان، ويحيط بها سور عظيم من مداميك ثلاثة ذو ابراج مربعة في زواياه/ 100ھ60/متراً واقيمت الكنيسة باستطالة /38ھ16.30/متر بنيت من حجارة كلسية كبيرة الحجم فهي ضخمة البناء غنية بالنحت حيث يشمل جميع نواحيها وعوارضها الحجرية تربط تيجان الاعمدة من الاعلى والسقف سنامي يتوضع على صفين من الاعمدة المستديرة بعضها مزدوج وقد توج بتيجان كورانثية النوع بديعة النحت والزخرفة وكل صف من الاعمدة ذي طابقين ضخمة من الادنى وأعمدة رشيقة من الاعلى ليعطي البناء اكثر ارتفاعاً واحسن اضاءة وفي طراز تيجانها واشرطة زخارفها وضوح جلي للفن السوري في البناء.‏

كنيسة قلب لوزة ‏

آبدة عمرانية دينية تعد في طليعة المباني الاثرية فناً وعمراناً وهي تتوضع على مرتفع من جبل باريشا وكانت معدة للزيارة كبعض المباني الدينية المقدسة ولاتزال موضع اهتمام البحاثة الاثاريين منذ ان امت البعثات الاثرية المنطقة ونالت ايضاً من اهتمام المديرية العامة للاثار من رعاية واهتمام.‏

ابتدأت الحياة فيها منذ القرن الرابع الميلادي وبلغت حد الازدهار الفني والعمراني في نهاية القرن الخامس منه، وهي كاتدرائية ذات تخطيط قد يماثل الكنيسة الشمالية في الرويحة...يتألف بناؤها من صحن مركزي ورواقين جانبيين ويحمل السقف صفين من القناطر الكبيرة كأقواس ساحقة في كل منها ثلاثة وتتميز الكنيسة بوجود منبر الوعظ واستقلت الحنية من الشرق بجدار بارز ويلي المدخل برجان مرتفعان حتى السقف وتشمل الزخارف النحتية جميع واجهاتها واقواسها وتيجانها وتتمثل بالزخارف عبر مشاهد بشرية وملائكية وحيوانية ونباتية ولقد حظيت الكنيسة باهتمام بناتها اكثر مماحظي به زوارها.‏

كنيسة باقرحة ‏

تتوضع على السفح الشمالي من جبل باريشا ذات غنى عمراني كبير وتحتوي على كنيستين احداهما من الغرب والاخرى من الشرق وهي الاكبر اتساعاً والأغنى فناً واخصب زخرفة ذات حجم كبير جداً وهيكل مربع فريد، وقد وثقت بالنصوص اليونانية والسريانية معاً يؤرخانها بعام/ 564/ ميلادية وان في ضخامة البناء وزخرفة العمران وتخطيط البناءككل في المدينة مايدعو الى الاعجاب والدهشة لما كان في مظهرها من الطابع المحلي العمراني الصرف والسرياني بشكل خاص ومن المعتقد أن مهندس البناء هو كبير المهندسين مرقيانوس كيريس الذي تنسب اليه عدد من المباني الدينية في المنطقة.‏

الجامع الكبير ‏

يتوسط مدينةمعرة النعمان وقدكان في الاصل معبداً لاتزال بعض المعالم فيه وقد تحول المعبد الى كاتدرائية كبيرة يقوم سقفها على صفين من الاعمدة المتوجة كورانثياً وتحولت بعدها الى جامع من قبل السكان بعد الصلح مع ابي عبيدة ورغم ماطرأ على البناء من تغيير فإن معالمه الاثرية بادية في صحن الجامع من ميضأة تحتضن الاعمدة والتيجان والعوارض الحجرية المزخرفة وكذلك المزولة بقبتها والاعمدة حاملة القبة.والبناء غني جداً في حرميه الجنوبي ذي القباب والزخارف النحتية وفي كتاباته الاثرية بواجهته الصدرية تؤرخ ترميمه وتذكر القائمين على الاصلاح وسقفه من عقد مصلب على دعائم مربعة من العصر المملوكي، واهم مافي الجامع مئذنته المربعة وهي اجمل اثر عمراني اسلامي ابقاه الزمان من مدينة المعرة وانفس ذخيرة حفظتها لنا الايام لتكون مثلاً يدل على مبلغ الفن العمراني في ذلك العهد الذي شيدت فيه في النصف الثاني من القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي.‏

مسجد يوشع بن نون ‏

يقع في الجنوب من مدينة المعرة ذو مدخل جميل باتجاه الغرب تعلوه قنطرة ذات مصطبتين جانبيتين ومن فوق المدخل كتابات اثرية بخط نسخي ايوبي تذكر الباني والامر بالبناء وهو الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين الايوبي وتاريخ البناء سنة 604 هجرية 1207 ميلادية ، والباني هو مرشد بن سالم المهذب وفي الداخل باحة سماوية وحرم من الجنوب للصلاة ومن الشمال حجرتان الغربية منهما اتخذت لتعليم القرآن والصلاة والحجرة الشرقية تضم تابوتاً خشبياً مغطى بقماش اخضر تنسبه العامة الى يوشع بن نون وكتب على المدخل البيتان الاتيان: ‏

هذا المقام به النجاة لزائر وبجاهه الاوزار عنا ترفع ‏

من امه نال المنى في العلا وغدا ينادي يوشع يايوشع ‏

ويعلو مدخل المسجد برج تنتصب فوقه مئذنة مثمنة الشكل.‏

ضريح الخليفة عمر بن عبد العزيز ‏

جنوب شرق المعرة على مسافة /6/ كم في قرية دير الشرقي وهو بناء من اواوين ثلاثة تحتضن ضريح الخليفة عمر تعلوها قبة باسقة الارتفاع /20/ متراً وهي ترتكز على حطتين كعنقين لها انتقالاً من المربع الى المثمن وكان تعديل البناء مؤخراً من قبل المديرية العامة للاثار والمتاحف منذ بضع سنوات حيث تأكد دفن الخليفة عمر في قرية النقيرة دير الشرقي حالياًً وتقوم الى جانب مبنى الضريح قبة بنصف كرة من حجارة كلسية كبيرة الحجم هي من العهد الاموي وقد حولت من قبل إلى مسجد صغير كان يقيم فيها الشيخ يحيى ابوزكريا المنصور محدث زمانه وهو المدفون الى جانب ضريح الخليفة عمر من الشمال ...هذا فضلاًعن قبر ثالث لزوجة الخليفة عمروهي فاطمة بنت عبد الملك حسب وصيتها بعهد هشام بن عبد الملك ويحيط بالبناء حديقة كبيرة وسور يحتضن الجميع.‏

جامع سرمين ‏

يقع وسط البلدة وهوذو حرم فسيح وسقف مرتفع تعلوه تسع قباب تستند على دعائم مربعة ويتألف من عشرين غرفة يدخل اليها من الشمال بثلاثة ابواب وتطل على الباحة، وفي الجانب الشرقي مصعد يؤدي الى مئذنة مبنية باواسط العهد العثماني وتزين وجهة الحرم شراريف حجرية كالشراريف التي في جامع النبي يوشع في المعرة وجوامع حلب ودمشق وحمص، وهذا النموذج ايوبي العصر وفي واجهته الغربية نصوص اثرية بالعربية تذكر الملك العزيز صاحب حلب وثمة كتابات اخرى تذكر بعض البناة الاصلاحيين وكتابة اثرية في الرواق الشرقي مؤرخة بعام/ 864/ هجرية ‏