جزيرة أرواد تاريخ عريق ومستقبل واعد

سانا – طرطوس

عادل عيسى

أرواد ارادوس جزيرة عربية سورية قديمة قدم التاريخ جديدة فريدة في موقعها المتميز اكبر الجزر الممتدة على الساحل السوري وهى الجزيرة الوحيدة المأهولة بالسكان منذ أيام الفينيقيين.

تقع جزيرة (أرواد) على مقربة من مدينة طرطوس حيث تبعد عنها 3كم وأرواد جزيرة صخرية ترتفع عن سطح البحر11مترا ويوجد بالقرب منها جزيرة صخرية صغيرة تدعى بنت أرواد ومنها ولها تظهر مدن الساحل السوري واللبناني الشمالي كما تتراءى للناظر منها قمم جبال اللاذقية والأقرع وخاصة في أيام الصفاء.

يبلغ طول هذه الجزيرة حوالي 800م وعرضها 500م ومساحتها 400 الف متر مربع والمساحة المسكونة فيها بحدود 24هكتارا وصفها العالم استرابون قبل الميلاد بزمن قليل قائلا إنها مدينة هامة تشغل مساحة من اليابسة صخرة يلطمها البحر من كل جهة حتى يكاد يغمرها والتسمية قديمة تاريخيا فهي أرواد وارفاد وارادوس وتعني الملجأ والمأوى والملاذ ورد ذكرها في الكتابات القديمة حيث ذكرت في سفر التكوين وفي رسائل تل العمارنة وحوليات ملوك آشور وفي نصوص اوغاريت ونصوص قديمة مكتشفة منه كثيرة وجميع هذه النصوص تتحدث عن أهمية الجزيرة التاريخية والاقتصادية والملاحية وإنها من أهم المدن الفينيقية و كانت عاصمة مملكة هامة ازدهرت في الألف الثاني قبل الميلاد امتدت حدودها مابين نهر الكبير الشمالي ونهر الكبير الجنوبي كان لها أسطول تجاري هام و بلغت أرواد أوج قوتها وازدهارها وبلغت عصرها الذهبي في فترة ما بين القرنين الرابع عشر والثامن قبل الميلاد حيث كانت ملجأ أهل السواحل أثناء الاجتياحات والغزوات الأجنبية وكان لها وصاية على المدن القائمة على الشاطىء المقابل وفي عمق الجبال ومنها سيانو اوسينانو وسوكاس وماراثوس وسيميرا وانترادوس وجيانالا وكارنة وبالانيا ومعها تنافس اليونان على الاشتراك مع الفرس ضدهم إلا إن الأسطول الأروادى قد دحر في معركة سلامين البحرية التي انتصر فيها اليونان سنة 480ق.م وبقيت أرواد تحافظ على استقلالها الذاتي ومركزها التجاري في مرحلة السيطرة الفارسية حيث ضربت النقود باسمها حتى مجيء الغزو المقدوني عام 333 ق.م واهم الآثار الموجودة فيها السور الفينيقي وهو سور حجري فخم يحيط بالجزيرة من جميع جهاتها كإحاطة السوار بالمعصم وما تزال بقاياه وأطلاله قائمة شامخة في الجهات الغربية والجنوبية والشمالية متحدية العواصف والأنواء وأقيم هذا السور بالأساس ليكون حصنا دفاعيا عن الجزيرة ضد الهجمات وضد العواصف والأنواء حجارته ضخمة يبلغ وزن الواحدة منها بحدود عشرين طنا وارتفاع السور كان بحدود 24مترا.

يذكر إن أجزاء كثيرة من السور قد تهدمت وتناثرت حجارته في البحر.

قلعة أرواد قلعة أثرية عربية البناء تقع وسط الجزيرة وهى القلعة المركزية وقد شيدت على أنقاض معمورات فينيقية وتوالت أعمال الترميم لهذه القلعة خلال العقود التاريخية المختلفة قاومت الرومان فترة طويلة ثم فتحها العرب بعد ذلك احتلها الصليبيون وبنوا فيها الأسوار والحصون ثم حررها العرب من الصليبيين ادخل عليها العثمانيون بعض التعديل وأثناء الاحتلال الفرنسي تحولت القلعة إلى سجن لزج رجال حركة المقاومة الوطنية فيها وفي عام 1978 تسلمتها المديرية العامة للآثار والمتاحف ورممتها ومما رممته البرج العربي الأيوبي وهو الذي يسمى أيضا بالقلعة الساحلية وهو اصغر مساحة من القلعة المركزية ويعتقد انه بنى بنفس الفترة الزمنية كونه من نفس الشكل والطراز.

تتميز جزيرة أرواد بأنها كانت تحفة معمارية حيث كانت توصف بأنها مدينة الطوابق الخمس والأبنية السكنية حاليا تغطى معظم مساحة أرواد وهى متلاصقة ومتجمعة وتفصل فيما بينها أزقة ضيقة متعرجة وأرصفة مبلطة وتتألف أرواد حاليا من حيين هما الحي الشمالي والحي القبلي وسكان الجزيرة أشبه ما يكونون بأفراد أسرة كبيرة تجمعهم روابط المحبة والإخاء والتعاون ويرتبط جميع أبنائها بصلة القرابة أو الجوار وهم يعرفون بعضهم بعضا مشهورون بطيب أخلاقهم وحسن معاملتهم وصدق عواطفهم وعمق أصالتهم العربية فرضت عليهم البيئة البحرية نمطا واحدا من الحياة الاجتماعية المحافظة عملهم الوحيد هو في البحر وعبر البحر يعملون بصيد الأسماك وقسم آخر يعمل على ظهر السفن التي تعبر البحار والمحيطات لهم نشاطهم الاقتصادي المتميز وعملهم المبدع ولهم عاداتهم وتقاليدهم ولهجتهم التي تتناسب مع واقع العمل البحري. الأرواديون من امهر وأعظم بحارة العالم على الإطلاق.

كما تتميز أرواد بصناعة السفن حيث هذه الصناعة قديمة ومشهورة ومتميزة ورائعة وتعتبر جزيرة أرواد مركزا رئيسيا لصناعة السفن والزوارق والمراكب في الساحل الشرقي لحوض البحر المتوسط.

زوارق ومراكب وسفن أرواد مشهورة بجمالها وروعتها ودقة صناعتها واهم أنواعها قديما وحديثا السكون والغيظ والكبك والمركب واللنش والزورق والفلوكا وهذه الصناعة يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد كما يشتهر أبناء أرواد بصناعة وسائل الصيد التي يستخدمونها في صيد الأسماك وأهمها الشرك والشباك والقفص وغيرها كما اشتهر أبناء أرواد بصناعة التحف البحرية والأصداف التي يصطادونها من البحر. ودخلت أرواد عهدا جديدا في حياتها في ظل القيادة التاريخية للقائد الخالد (حافظ الأسد) ومسيرة التطوير والتحديث بقيادة السيد الرئيس (بشار الأسد) ومن أهم الإنجازات التي تحققت لها جر مياه نبع السن إليها وأحداث مركز الهاتف الآلي وإحداث مدارس ابتدائية وإعدادية و ثانوية وفرن آلي ومركز تجزئة ومركز صحي وكورنيش أرواد ومقاصف سياحية كما تم ربط الجزيرة بالشبكة العامة للكهرباء.

ومن الجدير ذكره إن هذه الجزيرة تفتقر إلى المشاريع السياحية وقلة الاستثمارات وتنتظر تطوير وتحسين مرفأ الطاحونة وتحديث وسائل النقل البحري إليها وبعض المشاريع السياحية الأخرى.