اللاذقية تحتل موقعاً متقدماً على خريطة السياحة العربيØ

اللاذقية - نور الدين الأعثر     

الحياة 13/09/2004

تعد مدينة اللاذقية "عروس المتوسط" من أهم مناطق الجذب السياحي في سورية وقبلة السياح نظراً إلى تعدد المواقع السياحية فيها وتنوعها. واعتاد السوريون والسياح العرب، خصوصاً أبناء الخليج، اللجوء إلى الساحل السوري في العطل الصيفية لما يحتضنه من معالم جمالية فريدة من نوعها وهرباً من هموم الحياة ومتاعبها.

واستطاعت اللاذقية عبر سنوات طويلة احتلال موقع مهم على خارطة السياحة العربية وتبوأت مكانة بارزة في قلوب السياح بسبب مقوماتها السياحية وبيئتها الطبيعية، وهذا ما تعبر عنه الكثافة البشرية والازدحام في الحدائق والمنتزهات والمراكز التجارية المنتشرة فيها، وكذلك ارتفاع نسب الإشغال في الفنادق والشاليهات والتي تصل إلى مئة في المئة خلال أشهر الصيف الحارة.

ويقول صاحب مكتب "شاليهات الزغبي" محمد زغبي لـ"الحياة": "لاحظنا هذا الموسم زيادة كبيرة في عدد السياح العراقيين الذين لعبوا دوراً كبيراً في تحريك اقتصاد المنطقة كونهم جاءوا على شكل عائلات لقضاء عطلتهم في سورية بسبب رخص الأسعار، ومعظمهم يعيش في أوروبا".

ولا يقتصر القادمون إلى الساحل السوري على اللبنانيين والعراقيين بل يزور المنطقة عدد كبير من السياح الخليجيين الباحثين عن المتعة والاستجمام، إضافة إلى العائلات السورية. وساعد افتقار الساحل السوري عموماً لأماكن اصطياف في زيادة الضغط على المواقع الحالية لدرجة يكاد السائح لا يجد مكاناً للإقامة، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع أسعار الشاليهات خصوصاً أمام السياح المحليين.

وتتراوح أجرة الشاليه ليوم واحد في حزيران (يونيو) ما بين 30 و40 دولاراً وترتفع في تموز (يوليو) وأب (أغسطس) إلى 70 دولاراً في اليوم. وتستمر هذه الأسعار حتى أيلول (سبتمبر) حيث تنخفض إلى النصف. وهذه الأسعار قابلة للتعديل في عطلة نهاية الأسبوع بسبب قدوم السوريين بأعداد كبيرة من مختلف المحافظات الأخرى. وقال أحد أصحاب مكاتب تأجير الشاليهات "إن هذه الأسعار معتدلة قياساً إلى الدول المجاورة وهي تناسب مختلف الطبقات"، مؤكداً إن جنسية السائح "لا تحدد السعر وإنما الخدمات والتجهيزات المتوافرة داخل الشاليه".

وعلى رغم أهمية منطقة الشاليهات التي تعد من أهم المواقع السياحية على شاطئ اللاذقية، يبدو للزائر عدم وجود تنسيق للموقع كون الشاليهات مبنية بشكل متداخل وغير منظم والشوارع فيها ضيقة ولا تستوعب الضغط، وكذلك لا توجد أماكن لإيقاف السيارات. كما تفتقر المنطقة إلى الأسواق الكبيرة التي تؤمن المتطلبات المنزلية ومتطلبات الأطفال، وبالتالي فان المحال الصغيرة الموجودة تحتكر الأسعار ما ينعكس بصورة سلبية على الواقع السياحي العام.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يصل إلى أمور أكثر أهمية وهي عدم وجود خيارات واسعة أمام السائح سواء من حيث المطاعم التي تفتقر إليها المنطقة بمختلف أنواعها وشتى درجاتها، أو إلى افتقارها السلال المختلفة من الفنادق العالمية "لأن هذه الفنادق عندما تقام في سورية ستكون شريكة للدولة في جذب السياح من مختلف دول العالم" على حد تعبير أحمد سماق القادم من الكويت لقضاء إجازته في سورية.

وانتقد سماق شبكة الطرق الحالية التي تربط المناطق الداخلية بمناطق الاصطياف نظراً إلى خطورة بعضها خصوصاً طريق حلب - اللاذقية. وطالب الحكومة بوضع كل امكاناتها لإنجاز الأوتوستراد الذي يجري تنفيذه حالياً بين حلب واللاذقية لتخفيف الحوادث ولأهميته "كونه سيمر من مناطق خلابة تحتاج إلى هذا الأوتوستراد الحيوي".

ومن أبرز المآخذ التي تؤثر سلباً على السياحة عدم تنظيم قطاع النقل الداخلي في سورية بحيث يتحكم سائقو النقل العمومي بأجورهم حسب أهوائهم الشخصية. ويكاد يكون الالتزام بتعرفة العدادات أمراً شبه مستحيل، ويستغل سائق "التكسي"، إجمالاً، السائح عندما يفرض عليه أجراً يصل إلى أربعة أضعاف التسعيرة الموجودة. وقال أحمد عبد النبي من السعودية: "السائح يصرف على أجور النقل أكثر مما يصرف على إقامته وكأن العملية هي اقتناص لفرصة لا تتكرر ثانية وأشبه ما يكون بالسرقة العلنية. وهذه ظاهرة سلبية تؤثر على سمعة البلاد عموماً وهي ناتجة عن غياب الرقابة الشديدة على سائقي سيارات الأجرة".

ومن المزايا الجيدة للسياحة السورية هذا الموسم الحفلات الفنية المنتشرة على مستوى البلاد التي تقدم فيها وصلات غنائية لمطربين مشهورين عربياً بأسعار تنافسية مقارنة مع دول الجوار خصوصاً لبنان. وهذا ما أدى إلى ظهور سياحة الحفلات الغنائية من قبل اللبنانيين الذين يصلون إلى المنتجعات السياحية السورية الساحلية لقضاء ليلة واحدة أو ليلتين لحضور حفل غنائي بسعر لا يتجاوز في معظم الأحيان مبلغ 50 دولاراً للشخص الواحد، في حين يكلف حضور مثل هذه الحفلة في لبنان بضع مئات من الدولارات.