أفلام هوليوود تجذب السياح إلى المدن الإنكليزية التاريØ

لندن - مينا العريبي     

الحياة 5/8/2004   

من المعروف إن لصناعة السينما مساهمة فعالة في تحريك سوق السياحة في دول عدة، فمع انتشارها في القارات الخمس بدأت الأفلام الضخمة تلعب دور الإعلان المجاني عن مدينة أو منطقة معينة صورت فيها أحداث الفيلم. ومع وصول ميزانيات بعض أعمال هوليوود إلى عشرات الملايين من الدولارات، أصبح بمقدور المنتجين حجز طائرة أو اثنتين ونقل طاقم العمل إلى أي بقعة على الكرة الأرضية للتصوير.

وكلما اتسع خيال كاتب قصة الفيلم، اتسعت آفاق المواقع التي تدور فيها أحداث روايته. فقد ترقب المشاهدون الممثل الوسيم براد بيت وهو يستعد للحرب على شواطئ مالطا في فيلم "طروادة"، وبكوا مع ميل غيبسون وهو يحارب من أجل الحرية في جبال اسكتلندا في "بريفهارت". ومَنْ كان يتصور أن تنقلب نيوزيلندا - المعروفة بعزلتها وسكينتها - إلى ساحة لأشهر المواجهات بين قوى الخير والشر في ثلاثية "سيد الخواتم"؟ وسرعان ما أخذت هيئات السياحة في الدول المعنية تدرك الدور الذي تلعبه شهرة فيلم أو آخر صور في بلدها. وفي إحصاء أجرته هيئة السياحة النيوزيلندية العام الماضي، تبين إن 72 في المئة من زوار البلاد شاهدوا أحد أفلام ثلاثية "سيد الخواتم"، كما إن 69 في المئة قالوا إنهم تشجعوا على زيارة البلاد بعد مشاهدة الفيلم.

ومن أبرز البلدان التي استخدمت مدنها لتصوير أفلام عالمية بريطانيا. ولكن على رغم نجاح أفلام مثل "لورانس العرب" الذي صور بين ويلز ولندن سنة 1962، فإن المملكة المتحدة لم تشهد تصوير أفلام غير بريــطانية أو بميزانيات عالية إلا أخيراً. لكن مع نجاح "أربع زيجـات وجنازة واحدة" سنة 1994، عادت المملكة المتحدة إلى واجهة المواقع التصويرية المفـضلة للمخرجين والمنتجين، خصوصاً القادمين من هوليوود. علماً بأن الولع بالمشاهير يضـاعف من رغبة السياح في التوجه إلى موقع قصده الممثلون والممثلات، وهكذا ارتفع عدد زوار لندن الذين يقصدون "نوتيـنغ هيل" بعدما عاش هيو غرانت وجوليا روبرتس قصة حب (تمثيلية) في الحي الذي حمل الفيلم اسمه.

ولم يفت على هيئة السياحة البريطانية "زوروا بريطانيا" أهمية الاستفادة من صناعة الأفلام لتصبح مصدراً أساسياً للترويج للملكة المتحدة. ولذلك أطلقت برنامجاً جديداً لجذب السياح عبر "خرائط أفلام" (movie map) تحدد لهم نقاط تصوير أفلام معروفة في بريطانيا. ومع إطلاق فيلم "الملك آرثر" في صالات العرض قبل أيام، أنتجت الهيئة خارطتها السابعة منذ العام 1996. ولمن يريدون إتباع خطا كلايف أون وكيرا نايتلي والتعرف على أرض شهدت ولادة الأساطير، عليهم الحصول على نسخة من "خارطة فيلم الملك آرثر". وقال الناطق باسم "زوروا بريطانيا" أليوت فريسبي لـ"الحياة": "أسطورة الملك آرثر ترمز إلى إرث بريطانيا وهويتها، ولذلك نأمل في أن يأتي مشاهدو الفيلم من أنحاء العالم للتعرف على تاريخ بلد الأساطير بأنفسهم".

وينقل مخرج "الملك آرثر" أنتوان فوكوا تصوير مشاهد الفيلم من أقصى شمال المملكة المتحدة إلى أقصى جنوبها. ويقول النقاد أن هذه النسخة من قصة "الملك آرثر" هي الأدق من حيث التمسك بتفاصيل الأسطورة. ويتعرج طريق الخارطة بين قلاع وكهوف ومقابر وجدار "آدريان" الروماني الأثري.

والذي لم يزر كورنوول من قبل، عليه زيارة هذه المدينة الجنوبية التي تفتخر بسواحلها الجميلة وآثارها العريقة، أبرزها قلعة "تنتاجل" التي تعود إلى القرن الثاني عشر وارتبط اسمها بأسطورة "الملك آرثر"، بعد أن ذكر المؤرخ جوفري من مونموث في كتابه "تاريخ ملوك بريطانيا" في القرن الثاني عشر إن الملك الأسطوري ولد فيها. لكن الواقع أن مكان الولادة يقع في جزيرة خلف القلعة.

وعلى رغم شهرة هذه الأسطورة، فإن مواقع أحداثها ما زالت غير معروفة لدى الكثيرين، ولهذا انتهزت هيئة السياحة البريطانية مناسبة عرض "الملك آرثر" لتجذب المولعين بالتاريخ والأساطير إلى أراضيها.

ومع إطلاق الفيلم في دور السينما البريطانية هذا الشهر، شنّت هيئة "زوروا بريطانيا" حملة ترويجية على نطاق عالمي، واتفقت مع شركتي "توتشستون" و"بيونا فيستا" المنتجتين للفيلم للمساهمة في هذه الحملة الشاملة. ويمكن للزائر أن يحصل على نسخة من الخريطة التي تدله على معالم الجمال والأساطير على موقع الهيئة. www.visitbritain.com مجاناً.

وشرح فريسبي ظاهرة ملاحقة المعجبين لأحد المشاهير من بلد إلى بلد قائلاً: "بعضهم يريد التقرب من أحد الممثلين فيذهب إلى فنادق أو مطاعم أو حتى مدن زارها"، بينما يقرر بعض المسافرين انه "إذا كان مكان معين قادراً على استقبال شخصية مشهورة، فهذا يعني انه يتمتع بمستوى عالٍ ولذلك يقصده عامة الناس".

ورداً على سؤال لـ"الحياة" عن المدن الجديدة التي يجب أن يزورها من يريد الاحتكاك بنجوم هوليوود، قال فريسبي: "مدينتا باث وبريستول"، وأضاف "بعد أن صورت الفنانة ريس ويزرسبون مشاهد من فيلمها الجديد "فانيتي فير" في باث فإننا نتوقع زيادة السياح إليها بشكل ملحوظ".

وعلى رغم أن مدناً مثل باث وبرايتون ويورك تلقى رواجاً على فترات متباعدة مع الممثلين والمنتجين، فإن "لندن تبقى المفضلة دوماً" بحسب الناطق باسم هيئة السياحة البريطانية. وأكد فريسبي أنه يتوقع "إعادة الاهتمام بالعاصمة من قبل جميع أفراد العائلة في الأشهر المقبلة بعد عرض فيلم "نيفرلاند" وهو فيلم عن "بيتر بان" وقصته الشهيرة عن الشباب الدائم". ولفت إلى إن الأفلام العائلية أصبحت الأفضل لترويج السياحة في بريطانيا "خصوصاً بعد نجاح سلسلة "هاري بوتر" الساحق... حتى أنها أصبحت إعلاناً مجانياً لبريطانيا كلها".

مهرجان ثقافة المسلمين حدث عالمي وليس أمرا محليا (العدد 12)