بقلم دومينيك ميرل
روندا-أسبانيا
لقد أثبت علماء الشÙرة الوراثية مؤخرا أن العظام المØÙوظة ÙÙŠ كاتدرائية أشبيلية هي ÙÙŠ الواقع، تماما مثلما كان أهل إشبيلية يقولون دائما، عظام كريستوÙر كولومبيس. وهذا هو دليل ادعاؤهم، ذلك أن هناك عددا من البلدان الأخرى أكثر اØتجاجا، مثل كوبا وجمهورية الدومينيك، تبقى دعاواها، بأن المكتش٠المشهور مدÙون Ùيها، غير مقنعة. وهكذا Ùإن كولومبس المسكين، أما أنه توÙÙŠ عددا من المرات، وأما أن عظامه قد توزعت ÙÙŠ البلدان.
ÙˆÙÙŠ كل نواØÙŠ المنطقة الجنوبية من الأندلس، هناك عدد من "المدن الجميلة" التي تØوي رÙات الرجال العظام ÙÙŠ التاريخ، مثل الرسام بيكاسو ÙÙŠ مالقا، ومصارع الثيرن مانوليته ÙÙŠ قرطبة وآخر الملوك الكاثوليك ÙÙŠ غرناطة. ولكن لم يدÙÙ† Ø£Øد مشهور ÙÙŠ مدينة روندا الصغيرة، مع أن أورسون ويلز عاش هناك Ù„Ùترة من الزمن، وكتب همنغواي، وشرب ونام هناك مرات كثيرة، والمغنية المشهورة، مادونا، أجّرت ملعب مصارعة الثيران Ù„ØÙلة غنائية لها. ÙˆÙيما عدا ذلك Ùإنها مدينة صغيرة Øالمة ÙÙŠ جنوب أسبانيا، Ù†Ùوسها Øوالي 35 أل٠نسمة، ولذا اخترناها Ù…Øطة لتوقÙنا. وببساطة، لقد أردنا زيارة مكان لم نسمع به من قبل وليس معتادا لدى السياØ.
وقد خالÙنا ما جاء ÙÙŠ جميع أدلة السياØØ©ØŒ والتي ØªÙ†ØµØ Ø¨Ù‚Ø¶Ø§Ø¡ نص٠نهار ÙÙŠ أقصى الأØوال، Ùقد قررنا قضاء ليلتين ÙÙŠ روندا كجزء من سÙرتنا التي بدأت ÙÙŠ أشبيلية واستمرت بشكل قوس يشمل قرطبة وغرناطة.
وقد دهشنا بضخامة كاتدرائية أشبيلية، وهي واØدة من أكبر الكاتدرائيات ÙÙŠ العالم، بالإضاÙØ© إلى الاØتÙالات والطعم الخاص ÙÙŠ العاصمة الأندلسية Ù†Ùسها، وكنا مندهشين بØجم وعظمة كاتدرائية قرطبة، والتي كانت ذات يوم مسجد قرطبة الكبير. وغادرنا وأÙواهنا Ù…Ùغورة بعد تأمل قصر/ قلعة الØمراء ذي الامتداد الشاسع ÙÙŠ غرناطة والذي يعود إلى القرن الثالث عشر الميلادي. ولكن ما لامس قلوبنا ÙÙŠ روندا هو عمل بسيط لشاب Øساس، وسيأتي الكلام عنه Ùيما بعد.
وتق٠روندا على ØاÙØ© صخرية تمثل Øائطا انØداره 180 Ù… 591 قدما تقريبا، ووقÙتها مؤدبة متواضعة من Øيث التصميم، تاركة المنظر الطبيعي الرائع ليØتل موقع الصدارة. وأكثر المناظر الطبيعية جاذبية هو النهر المتØدر ÙÙŠ شق جبلي يسمى "التاج". وعلى جانبي هذا الشق تق٠البيوت وكأنها تمسك بأرضها بقوة من أجل سلامتها، بادية وكأنها جاهزة للانزلاق لدى أية دÙعة بسيطة.
وبسبب هذه الأرض الصخرية، Ùقد كانت روندا آخر مدينة موريسكية تسقط بيد الصليبيين. وهناك جسر مقوس، البويرتو نويÙو، منصوب على الشق وهو يربط بين الØÙŠ الموريسكي القديم ÙÙŠ المدينة، لا ثيوذاذ، والجزء الØديث، المركاذيو. وقد وص٠الجسر بأنه Ø¥Øدى العجائب المعمارية لدى إنشائه ÙÙŠ أواخر القرن السادس عشر الميلادي، وقد سقط منه العديد من الناس وتوÙوا عبر السنين، إما ÙƒØادث عرضي أو غير ذلك، وبضمنهم المعماري الذي صممه، وذلك عند تÙقده للجسر. وقد وص٠همنغواي كي٠أن السجناء كانوا يرمون Ø£Øياءً من Ùوقه خلال الØرب الأهلية ÙÙŠ أسبانيا.
لقد أقمنا ÙÙŠ الÙندق الØكومي، برادور دي روندا، على ØاÙØ© الشق، ÙÙŠ المركاذيو. وقد ÙˆÙرت لنا تلك الإقامة المشي عبر جسر البويرتو نويÙÙˆ واستكشا٠الØÙŠ الموريسكي القديم، وهو متاهة من الشوارع والأزقة، وبيوت بيضاء اللون ذات شرÙات جديدة. وتقع ÙÙŠ وسط الØÙŠ القديم كنيسة سانتا ماريا والتي تنÙØªØ ÙˆØ§Ø¬Ù‡ØªÙ‡Ø§ على ساØØ© كبيرة. وشأنها شأن كنائس الأندلس، Ùقد بنيت Ùوق جامع، وهو ÙÙŠ هذه الØالة مسجد روندا الكبير. وقد نصب برجها Ùوق منارة المسجد القديمة. وبالقرب منها قصر المنظراغون، وقد كان ÙÙŠ القرن الرابع عشر الميلادي قصرا للملك الموريسكي أبو ليمش، كما أن هناك Øمامات عربية ÙÙŠ Øالة جيدة منذ تلك الÙترة.
ÙˆÙÙŠ وقت متأخر من اليوم Ù†Ùسه، عرجنا بالسيارة على ما يسمى بـ"مدن الأندلس البيضاء"ØŒ وهي مجموعة من القرى الجبلية القريبة والتي صبغت بالبياض آلا٠المرات. وبعض البيوت والمØلات التجارية قد Ù†Øتت ÙÙŠ صلب التلال، والبعض الآخر يبدو وكأنه خرَّ من السماء، وقد نزلت على مدى إنجات من بعضها البعض الآخر، وكأن ما تراه منها مأخوذ من صÙØات من كتاب أسطوري.
ولدى العودة إلى روندا ÙÙŠ ذلك المساء، توجهت مع زوجتي ودليلنا خاÙير إلى المركاذيو القريب من Ùندقنا ودخلنا مقهى صغيرا اسمه Ùلوريس، وقد سمي، كما قيل لنا، باسم قاطع طرق شهير قبل سنوات كثيرة. وكانت هناك صورة ديك مؤطرة، ولما كنا ممن يجمع التØÙيات التي تصور الديكة، Ùقد جذبت الصورة نظرنا.
والواقع أنها لم تكن صورة جيدة، ورغم ذلك Ùقد طلبنا من الشاب الذي يق٠خل٠طاولة الØسابات، وعبر دليلنا خاÙير، أن يبيعنا إياها. وقد تصر٠الشاب بØياء معتذرا أنه لا يريد بيعها لأنه Ø£ØµØ¨Ø Ù†Ùسه متعلقا بها، ولكنه سيعمل نسخة منها ويسلمها لنا ÙÙŠ Ùندقنا ÙÙŠ الليلة التالية. وشكرناه واستمتعنا بقهوتنا الأسبانية القوية.
وقد صرنا بسرعة أصدقاء معه نتخاطب بالأسماء الأولى، وقد أخبرنا الشاب خل٠طاولة الØسابات، واسمه بيدرو، وكان خاÙير يترجم لنا، أن التاباس، الأكلة السريعة التي يتذوقها الأسبان ÙÙŠ منتص٠النهار ÙˆÙÙŠ أول الغروب، مصدرها روندا. وأنا متأكد من أن قصده Øسن، ولكن ÙÙŠ سÙرة أسبانية سابقة، سمعت الأمر Ù†Ùسه ÙÙŠ طليطلة. ÙˆØتى اليوم، Ùإن كلا من كوبا وجمهورية الدومينيك قد دخلتا هذا النزاع.
وزرنا ÙÙŠ يومنا الأخير ساØØ© بلاثا توروس، وهي أقدم ساØØ© مصارعة ثيران ÙÙŠ العالم (1785 Ù…)ØŒ وقد أقامت مادونا Ùيها ØÙلة غنائية قبل سنوات. وقد Ø£Øدث ذلك ضجة ÙÙŠ المنطقة، كما قيل لنا، لأنه بالرغم من كون مصارعة الثيران أمرا نادرا ÙÙŠ روندا هذه الأيام، Ùإن هذا الملعب قد Ø£ØµØ¨Ø Ø´Ø¨Ù‡ مقدّس لدى الأهالي، وأن دوران مادونا راقصة Ùيه هو تدنيس لقدسية المكان لدى الكثيرين. وما يزال هذا الموضوع ساخنا.
ولكن بالرغم من أن مصارعة الثيران تتم مرة ÙÙŠ السنة غالبا، Ùإن الملعب يتØول إلى سوق شعبية مرتين ÙÙŠ الشهر Øيث يتهاÙت عليه الغجر من أنØاء الأندلس المختلÙØ© وهم ÙŠØملون بضائعهم. وأÙضل أبواب التسوق ÙÙŠ أسبانيا كلها تتم ÙÙŠ هذا السوق، كما يقول الأهالي، ولا يبدو أن Ø£Øدا Øتى الآن قد اعترض على تØويل الملعب إلى سوق شعبي.
ومØطتنا الأخيرة كانت ÙÙŠ "متØ٠قطّاع الطرق" (لاس باندوليروس)ØŒ وهو يختص بشخصيات الماضي الرومانسية الذين كانوا لدى البعض قتلة، ولدى آخرين روبن هود. وقد جذبت روندا، بطبيعتها الجبلية، الكثير من قطاع الطرق بسبب أماكن التخÙÙŠ الكثيرة والتي تشبه الكهوÙ. وأشهرها التمبرانيو (الطير المبكر) الذي بدأ بارتكاب القتل وهو ÙÙŠ السنة الثالثة عشرة من عمره، وقد زعم أنه كان يسلب الأغنياء ويساعد الÙقراء، Øتى قتل على يد قاطع طريق آخر ÙÙŠ عام 1833 Ù… وهو ÙÙŠ سن الثامنة والعشرين.
ÙˆÙÙŠ عودتنا إلى الÙندق تلك الليلة، توجهنا Ù†ØÙˆ عشائنا. ولم تبد أية علامة من صورة الديك التي سيبعثها بيدرو. ÙˆÙÙŠ منتص٠العشاء، جاء مستخدم ÙÙŠ الÙندق إلى طاولتنا وهو ÙŠØمل صورة ورسالة. وكانت تلك هي صورة الديك، وهي موضوعة ÙÙŠ إطار، والرسالة من بيدرو. وترجمة الرسالة Ù…Ùادها أنه يريد منا أن نأخذ الصورة هدية منه. ويق٠الديك اليوم شامخا ÙÙŠ بيتنا. وهو واØد من Ø£Ùضل التØÙيات التي جنيناها من رØلاتنا Øول العالم.
ÙˆÙÙŠ الختام، Ùإن روندا ربما لا تØوي رÙات كولومبوس، أو بيكاسو، أو مانوليته، ولكن ÙŠØسن بك أن تعطيها أكثر من سÙرة نص٠نهار، هذا إذا ما ذهبت إليها. والرجاء البØØ« عن بيدرو، الشاب ذي النÙس الØساسة الذي لمس قلوبنا بعطÙÙ‡. |