أعلى صومعة في العالم لمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء

السياحة الإسلامية: 25 نوفمبر/تشرين الثاني2008

الدار البيضاء-نجيب خليفة

مسجد الحسن الثاني معلمة دينية ومعمارية بنيت فوق الماء، تبهر الناظر بمنظرها من داخل وخارج المحيط الأطلسي ببنائها الشاهق، وبدقة هندستها التي برع في إنجازها صفوة من المهندسين والمبدعين في مختلف المهن العصرية والتقليدية المغربية الإسلامية الأصلية.

تتراءى الصومعة شاهقة من داخل المحيط الأطلسي على مسافة 30كم ويمكن للناظر أن يراها من أي زاوية يوجد فيها بالدار البيضاء، وذلك لعلوها البالغ 210م على قاعدة تبلغ 640 مترا مربعا، وبذلك تكون أعلى صومعة في العالم. وقد شيدت هذه الصومعة تبعا للتقاليد العربية الإسلامية بالأندلس، وتمتاز بالرخام الذي يزين كل أضلاعها ومزودة بفانوس وجامور (وهو قضيب من نحاس فيه ثلاث كرات نحاسية يوجد أعلى الصومعة). وأما منارها المزود بشعاع الليزر وموجه من قمتها نحو اتجاه الكعبة المشرفة لبيان القبلة، فيصل مداه إلى 30 كم داخل البحر مما يجعله كذلك مرشدا للملاحة البحرية. وأما النقش الموجود على حائط المسجد فهو يوحي بنقش دولة المرينيين التي حكمت المغرب فيما بين 1258 و1465، وزينت الجهة العليا للصومعة بالفسيفساء (الزليج التقليدي) الملون بالأخضر والأبيض والأزرق والبني، وأضيف للصومعة مصعد عصري سريع يتسع لنحو 12 فردا في آن واحد. ويتوفر المسجد على سقف يفتح و يغلق أوتوماتيكيا.

يحتوي المسجد على مدرسة دينية تصنّف ضمن التراث القديم لتدريس الفقه ومشتقاته، والنحو والبلاغة وغيرهما من المواد الأصيلة، وقد بنيت على شكل نصف دائرة مزينة بنقوش عربية إسلامية أندلسية، وهي في اتجاه القبلة. وتتوفر على طابقين أرضي وتحت الأرض. وتستعمل المدرسة وسائل تكنولوجية حديثة في تدريسها التعليمي.

أما قاعة الصلاة فتوجد في الوسط، وهي الجزء الأكثر والأكبر إنارة بهندستها التقليدية وثرياتها المزركشة وهي تتسع لنحو 25 ألف مصلي في داخل المسجد و100 ألف بالساحات الخارجية، وصممت على شكل مستطيل بطول 200م وبعرض 100م مكونة من ثلاثة صحون عمودية لجدار القبلة.

أما خارج المسجد فهو عبارة عن ساحة كبيرة مبلطة برخام جد رفيع محاط بأقواس هندسية من الطراز العربي الإسلامي الأصيل، ومكتبة خاصة بالكتب من أكبر المكتبات على الصعيد الوطني، وتتواصل هذه المكتبة بواسطة الأقمار الصناعية بكبريات المكتبات العالمية، كما يحتوي المسجد كذلك على عدة محلات تجارية تحيط به من الجهة الغربية.

وهناك طابق تحت أرضي يحتوي على ثلاث نوافير مركزية كبيرة و36 نافورة صغيرة و299 حنفية وأحواض للوضوء تستوعب ألفي شخص في وقت واحد. ويقابله جناح آخر يحتوي على مسبح دافئ وقاعات للتدليك الصحي ومرافق صحية أخرى، زيادة على موقف للسيارات يتسع لأكثر من 1100 سيارة.

وللمسجد محافظة خاصة به يوجد بها محافظ ومخفر للأمن يقوم بالحراسة وتنظيم الزيارات والمحافظة على البيئة، كما أن محافظة المسجد هي التي تتصرف في تدبير شؤونه المالية والإدارية، وترصد الحكومة المغربية ميزانية خاصة بالمسجد، وهو تابع إداريا لوزارة الداخلية ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

وللتذكير فقط، فقد أنشأ الملك الحسن الثاني هذه المعلمة الدينية سنة 1993 بأموال تكافلية من كل أفراد الشعب المغربي، زيادة على مساهمات بعض الميسورين من دول إسلامية وعربية وشقيقة بلغت خمسة مليارات درهم مغربي. واستغرق بناؤه ما يفوق سبع سنوات.