Français       Español           عربي             Deutsch         English   

       الصفحة الرئيسية

View World Tourism Exhibitions

آفاق السياحة الإسلامية
لطبع الصفحة

العدد 9

الأمن السياحي

نعمتان مجهولتان، الصحة والأمان. فأما الصحة فأمرها واضح ومحسوس، وأما الأمان فهو نعمة قد تخفى على الكثيرين وتحتاج إلى رأي سديد لإدراك قيمتها. جاء في محكم الكتاب العزيز أن النبي إبراهيم (ع) لما خرج بزوجته هاجر وابنه إسماعيل إلى البلد الحرام، مكة المكرمة، دعا ربه، فقال: "رب اجعل هذا بلدا آمنا". وقد استجاب الله تعالى لدعوته فمنّ على هذا البلد بأعظم نعمة وهي الأمن، قال تعالى: "أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم". وقال تعالى مخاطبا قريش: "فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف". وقد وصف الله تعالى المخلين بالأمن بأنهم مفسدون في الأرض وفرض عليهم أشد العقوبة. والكثير من الآيات الكريمة وأحاديث الرسول الكريم (ص) أكدت على موضوع أمن وأمان الناس.

ومما يتعلق بموضوعنا هنا أنه لا سياحة بدون أمان. لقد أدركت كافة حكومات العالم أهمية السياحة لاقتصادياتها ودورها في التعارف بين الشعوب والتعريف بالتراث الثقافي، وحاولت الاستفادة من ثرواتها ومقوماتها السياحية المتنوعة، وهي تقوم بتسويق ذلك للعالم. ولا تزدهر السياحة بدون الشعور بالأمان من كل جوانبه، وليس فقط انعدام الأمن لأسباب سياسية أو تخريبية. ويعتبر الأمان أمرا رئيسيا ومادة أولية مهمة لصناعة السياحة. وتفوق أهميته في هذه الصناعة أهميته في الصناعات الأخرى لأن السياحة لا تنتعش ولا يقبل الناس على السفر إلى بلد تنعدم فيه مقومات الأمن، فهذا يدخل في باب الإلقاء بالنفس في التهلكة وهو ليس مسلك العقلاء.

والسؤال المحير هنا، هو هل أن حالة الفوضى هي التي تؤدي إلى ازدهار قطاع المخلين بالأمن أم أن انعدام الأمن سببه وجود المخلين به؟ وطبعا تندرج تحت هذا البند الجرائم الفردية والمنظمة وحتى سلوكيات بعض الأفراد في كثير من الأحيان عندما تكون متشنجة واستفزازية وتفتقد إلى ضبط النفس. وهذه المشاكل لا تتوقف عند مجتمعات بعينها، بل باتت منتشرة حتى في الدول التي تتمتع شعوبها بالحرية والديمقراطية والضمان الإجتماعي من كل عوز، وهي تتجلى في ظواهر السلب والسرقات والاعتداءات والغش والغبن وغيرها من آفات العصر، بنسب متفاوتة.

نعم هناك الكثير الكثير من مسببات فقدان الأمن والأمان، ولا يمكن حل هذه المشاكل بأسباب مادية، ولوحاولت أية دولة تركيز كل طاقاتها المادية والبشرية، من تكنولوجيا وحراس ومخبرين ووضعت مع كل فرد ومجموعة سياحية حراسا لما تمكنت من ضمان الراحة النفسية والطمأنينة لسواحها وزوارها.

وهناك مشاكل تخلق حالة من الرعب وعدم الارتياح، مثل انعدام قوانين السير أو قلة الالتزام بها وما يجر إليه ذلك من مخاطر، وعدم وجود سلوك حضاري يعتمد انتظار كل شخص لدوره في الصف بدل المزاحمة والتدافع وما تتسبب عنه من فوضى وصراعات فردية وجماعية وربما أدى إلى تصادمات دموية. وهناك انعدام النظافة، خصوصا في الأماكن العامة وما يتسبب عنه من مضايقة للسياح فضلا عن أهل البلد.

ومصادر انعدام الأمن السياحي كثيرة، وهي داخلية وخارجية، حيث إن الإنفتاح على الخارج بالرغم من مميزاته إلا أنه لا بد أن يجلب معه بعض المخربين للأمن وذوي السلوكيات غير المقبولة لا أخلاقيا ولا إنسانيا وتتعارض مع قيم شعوب البلدان التي تستقبل هؤلاء الزوار.

إن معالجة أمراض الخلل التي تفتك بالأمن السياحي لا تعالج بالعمليات والأدوية والإسعافات بل بالوقاية منها. أليس الوقاية خير من العلاج؟ كيف تقي الدول والشعوب نفسها من انعدام الأمن، والسياحي منه بشكل خاص؟ الجواب الشائع على مثل هذا التساؤل هو إلقاء اللوم على الحكومات، ولكن هذا غير صحيح، لأن الدولة والحكومة اطار فوقي، والمهم هو البنية الداخلية، فهناك دور للشعب ومنظماته ومؤسساته التي عليها أن تتكاتف، وتجب صيانة الأمن من داخل المجتمع، ثم تأتي الدولة التي يكون دورها تنطيمي وفوقي. وقد برز ميل شديد في الآونة الأخيرة لعقد المؤتمرات والندوات لمعالجة القضية الأمنية على الصعيد الرسمي، كما أننا تعودنا، خصوصا في البلدان الإسلامية، على ترك الأمور للدولة لتنهج فيها نهجا ضاغطا بسبب عدم توفر وسائل أجدى لديها وانعدام الرؤية السليمة لواقع المشكلة. وقد فاقم ذلك من قضايا العنف وضياع الأمن بدلا من حل المشكلة. والقضية الأمنية أوسع من جانب العنف، وإن كان العنف أبرز مظاهرها، وتحتاج إلى حلول جذرية ورؤية أعمق.

إن على الدولة سن القوانين والأنظمة لرفع مستوى شعبها معيشيا وحضاريا ليكون مؤهلا لاستقبال الزائرين والسواح القادمين من مناطق مختلفة محليا أو إقليميا أو عالميا والتحاور معهم. كما أن عليها نشر الوعي السياحي الحضاري الملتزم بمختلف الوسائل الإعلامية وعلى كافة المستويات. وكذلك تكوين ودعم الإتحادات المهنية على مختلف أنواعها وخاصة تلك التي لها مساس بالسياحة وتحميلها مسؤوليات التعريف بالقوانين والنظم، وخاصة تلك المتعلقة بالأمن لمنتسبيها.

ومن واجبات الدولة دعم وتعريف المؤسسات والشركات واجباتها الأمنية تجاه العاملين والمتعاملين معها، والإهتمام بالبنية التحتية والنظافة وأنظمة السير ونوعية وسائل التنقل داخل المدن وما بينها وبين الدول المجاورة، ومعاملة كل مسافر محليا كان أو أقليميا أو غيرهما باعتباره سائحا.

كل هذه الجهات لا بد لها أن تستعين بالجهات الأمنية عند الضرورة ولا بد للجهات الأمنية التي تمثل النظام والمجتمع أن تكو ن على أعلى مستوى من المسؤولية القانونية والأخلاقية في أداء مهام نشر المحافظة على الأمن لدى كافة طبقات الشعب ومؤسساته.

للتدليل على ما جاء اعلاه، نأتي ببعض الأمثلة المتبعة في الخارج في مشاركة المؤسسات والمجتمع والأفراد في الذود عن أمنهم وأمن الآخرين:

·       تضع كثير من الدول مسؤولية نقل المسافرين على الجو على عاتق شركات الطيران للحد من تسرب الأشخاص غير المزودين بمستندات وتأشيرات سفر نظامية مقبولة لدى الدول المتوجهين إليها ووضعت غرامات طائلة عليها لكل شخص مخالف، وربما أعدت هذه القوانين بالتعاون مع مؤسسة الآياتا التي تنظم وسائل النقل الجوي. لقد خففت هذه الإجراءات الضغط على قوى الأمن في المطارات وجعلت حركة دخول الأجانب خال من أية مضايقة أو تأخير.

·       اتفاق الكثير من سكان المجمعات والشوارع السكنية على حفظ الأمن في مناطقهم من خلال التطلع من نوافذ سكناهم لمراقبة الدخلاء على أحيائهم وذلك بعد وضع لوحات مكتوب عليها " الشارع مراقب" أو "ممنوع الدخول للغرباء". وأن هذه الحالة جعلت الداخل لهذه المنطقة في حالة من الريبة وإن لم يكن هناك من يراقب الطريق.

·       حراس العمارات السكنية والتجارية والمؤسسات قد أعدوا إعدادا علميا وزودوا بوسائل الاتصال اللازمة لطلب المساعدة في حفظ الأمن ليس لواقع عملهم فحسب بل في المحيط الذي يتواجدون فيه.

وليس كل من يحافظ على الأمن يجب أن يستعمل القوة أو السلاح. إن المحافظة على الأمن والنظام يمكن أن يساهم فيها كل فرد، كبيرا كان أم صغيرا. لقد نشرت وسائل حفظ الأمن حتى داخل البيوت، فعندما تشب معركة أو يعتدى على أي فرد من أفراد الأسرة يمكن للطفل أن يتصل بالشرطة، ويؤخذ النداء مأخذ الجد. وكثيرا ما أنقذت هذه النداءات حياة الآلاف ممن كان يمكن أن يصبحوا ضحايا لحماقات وحوادث. ورغم أن النداءات الفاشلة أو غير المهمة تعد أضعاف النداءات المهمة التي لا تستوجب الحضور أو الإهتمام، ولكن هذا لا يحد من عزيمة أومسؤولية الساهرين على الأمن.

الخلاصة، لا بد للحكومات أن تساعد الشعب ومؤسساته على المساهمة في المحافظة على أمنه وتضع تحت تصرفه مراكز حفظ الأمن بأجهزتها وتلفوناتها ورجالها المؤمنين بمهماتهم النبيلة ومستعدين لتلبية نداءات الحماية والإنقاذ والإسعاف.

ولكن المسؤولية تقع أيضا على عاتق الشعوب ممثلة بالاتحادات والغرف المهنية والمنظمات والأحزاب والمدارس والمساجد. كل هذه المؤسسات ينبغي أن يكون لها دورها في خلق حالة من الأمن وتغيير السلبيات إلى ما هو أحسن، مثل العناية بالنظافة في الأماكن العامة وتعلم العادات الحسنة وعكس وجه حضاري يمثل القيم الطيبة في مجتمعاتنا، وتربية المواطن العادي على حسن التفاهم مع السياح وتبادل الخبرات النافعة معهم وتحقيق التفاهم والتسامح والتقارب بين الشعوب.

وكلما يعم البلد الأمان والنظام كلما ازدهرت السياحة وارتقت الشعوب وأتيح لها الإلتقاء والتقارب والتفاهم بدل العزلة وسوء الفهم والتنافر والتناحر.   ÙˆÙ‚د قال تعالى في محكم القرآن الكريم: "إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".

والله ولي التوفيق.

Copyright © A S Shakiry and TCPH Ltd. 


  Back
 
  
> 1 . نعم ....
> 2 . السÙ...
> 3 . بين Ø...
> 4 . السÙ...
> 5 . السÙ...
> 6 . نحو Ø...
> 7 . هل س...
> 8 . السÙ...
> 9 . الأÙ...
> 10 . السÙ...
> 11 . السÙ...
> 12 . مهرØ...
> 13 . الضÙ...
> 14 . الأÙ...
> 15 . الإØ...
> 16 . في رØ...
> 17 . الحØ...
> 18 . كيف Ø...
> 19 . السÙ...
> 20 . اللØ...
> 21 . سياح...
> 22 . أرقØ...
> 23 . السÙ...
> 24 . الثÙ...
> 25 . مشرÙ...
> 26 . حجاب...
> 27 . بغدا...
> 28 . الجÙ...
> 29 . أهمÙ...
> 30 . المØ...
> 31 . الفØ...
> 32 . فضاء...
> 33 . الفÙ...
> 34 . السÙ...
> 35 . سياح...
> 36 . السÙ...
> 37 . السÙ...
> 38 . زيار...
> 39 . الرÙ...
> 40 . الرÙ...
> 41 . المØ...
> 42 . لنجØ...
> 43 . السÙ...
> 44 . أي Ù…Ù...
> 45 . دور Ø...
> 46 . ملتÙ...
> 47 . جذور...
> 48 . مساØ...
> 49 . ذكرÙ...
> 50 . المØ...
> 51 . النØ...
> 52 . جامØ...
> 53 . سبل Ø...
> 54 . استر...
> 55 . الحØ...
> 56 . دبي Ø...
> 57 . كيف Ù...
> 58 . أين Ø...
> 59 . كيف Ù...
> 60 . الرØ...
> 61 . آليØ...
> 62 . آليØ...
> 63 . سياح...
> 64 . العØ...

 


Founded by Mr. A.S.Shakiry on 2011     -     Published by TCPH, London - U.K
TCPH Ltd
Islamic Tourism
Unit 2B, 2nd Floor
289 Cricklewood Broadway
London NW2 6NX, UK

Copyright © A S Shakiry and TCPH Ltd.
Tel: +44 (0) 20 8452 5244
Fax: +44 (0) 20 8452 5388
post@islamictourism.com