Français       Español           عربي             Deutsch         English   

       الصفحة الرئيسية
View World Tourism Exhibitions

آفاق السياحة الإسلامية
لطبع الصفحة

العدد 8

السيــاحة النهريــة

حبانا الله نحن بني البشر أنواع الخيرات التي لا تعد ولا تحصى حيث قال سبحانه وتعالى: وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا. ومن هذه النعم، الأنهار التي تشق البراري وتقطع آلاف الأميال لتنعم علينا بالحياة، فقد ارتبطت الحياة بالماء، قال تعالى: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ، وهي نعمة منّ الله تعالى بها على الناس، قال تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ. فما هي استفادة الشعوب من هذه الأنهار؟

لا أود الخوض في مجال الاستفادة من مياهها في مجالات الري والزراعة والثروة السمكية وأنواع الطيور التي تعيش على سطحها وحاجات الإنسان منها في الشرب والغسل والنظافة، بل سأسلط الأضواء في مقالي هذا على جوانب وآفاق أخرى، مثل تمتع الإنسان بمناظرها الخلابة ومردودها الاقتصادي والصحي وأوجه المتع الأخرى.

وهناك دول في العالم، لا سيما في أوروبا، استفادت من الأنهر والبحيرات وتمتعت شعوبها على ضفاف هذه المياه بأنواع المتع، مثل نهر السين الذي يخترق باريس، والتيمز الذي يخترق لندن، والراين والماين اللذين يخترقان الكثير من المدن الألمانية، والدانوب الذي يخترق عددا من الدول الأوروبية. وهذه كلها أمثلة رائعة على تنمية السياحة النهرية التي أصبحت صفة ثابتة في أوروبا حيث تكاد لا تخلو مدينة من رافد من روافد الأنهر.

وأعطى الأوربيون ولا يزالون أهمية كبرى للعناية بالأنهار باعتبارها واسطة لنقل البضائع والأشخاص ما بين مدنهم والدول المجاورة التي تمتد لها الأنهار، ويتطلب ذلك اهتماماً بالمحافظة على عمق المياه طيلة السنة. وقد نشأت أهم المدن للسكنى والتجارة، ولا يزال ينشأ، على ضفافها. وفي العقود الأخيرة تطورت مراكب نقل المسافرين إلى مراكب سياحية فخمة تجول بين المدن في مواعيد معينة في مواسم الصيف خاصةً. وكثرت أيضا أنواع الرياضة النهرية، حيث إن لكل نوع من أنواع الرياضة قواربها وعددها ومحترفي سباقاتها وهواتها. وأصبحت اليخوت والقوارب الخاصة توازي قطاع السيارات الخاصة في كثرتها وقيمة إنتاجها وصيانتها وتجاوزت موديلاتها أنواع السيارات بأضعاف، حيث صار كل منزل على النهر يملك يختاً أو قارباً وهناك الكثير من الأشخاص الذين يسكنون بعيداً عن ضفاف النهر لهم يخوت أو قوارب في النهر في موانئ أو مراسي خاصة لرسوها والعناية بها، وهم يتمتعون بها في أوقات الفراغ، والكثير منها يصلح للسكنى.

 ÙˆØ¨Ù„غ من عنايتهم بشواطئ الأنهار ما أذاعته وسائل الأخبار عما قامت به بلدية باريس، حيث إنها نقلت آلاف الأطنان من الرمال الذهبية ورشت بها أرصفة نهر السين في قلب باريس ليؤمها الباريسيون والسياح بدلا من الذهاب إلى شواطئ البحر، والعملية ذاتها تجرى الآن في سواحل وشواطئ أوروبية عديدة.

ويعجز القلم عن وصف آفاق قطاع الحياة النهريه والبحيرات من حيث المناظر الخلابة والحياة النابضة. كما أنها أصبحت تجارة تدرّ الكثير على الاقتصاد المحلي. والأموال التي تصرف على العاملين في قطاعات صناعات المنتجات النهرية من يخوت وقوارب وعدد وملابس وبوارج لنقل البضائع ومستلزمات حفر الأنهر وبناء السدود والضفاف والبيوت والمتنزهات، أصبحت أرقاما خيالية. وقد نشأت صناعة تهتم بأمر هذا القطاع، ونجحت في خلق تطورات تكنولوجية ليس لها حد في إشباع الاحتياجات الناجمة عنه.

والسياحة الجماعية Ùˆ الفردية تمثل 50 % من الحياة الإقتصادية على ضفاف الأنهار. والسياحة النهرية متطورة في أوروبا وتصلح مثالا مفيدا لدول أخرى مثل العراق الذي يملك امكانيات سياحية هائلة إذا ما طور الإستفادة من  أنهاره التي منحت الحياة للبشر منذ أقدم الأزمان.

العراق وما ينبغي أن يكون عليه

لقد جرت القصص بحياة وادي الرافدين وأنشد في وصف أنهاره الشعراء أجمل أشعارهم، وما الجنائن المعلقة في مدينة بابل التي تعد من العجائب السبعة في العالم، إلا دليلا قاطعا على ما كانت عليه الأنهر في العراق ونظام الري والترع التي كانت قائمة في عصور التاريخ القديم حتى سُمي العراق بلاد السواد لكثرة سكانه وزرعه وعمرانه، ولكن هذه البنى الحضارية أُتلفت بشكل مأساوي نتيجة الغزوات والإهمال والجهل.

وفي العقود الأخيرة أصبحت الأنهر حكراً على السلطة وحاشيتها ولا يجرأ أحد أن يسلكها أو يتمتع بها، وحتى المعالم السياحية والنزهة على شواطئها خُربت، وكمثال على ذلك ما آلت إليه المقاهي والمتنزهات في شارع أبو نواس المعروف بأكلة "السمك المسقوف" على شاطئ دجلة.

هناك أعداد قليلة من المقاهي والمتنزهات البدائية على ضفاف أنهرنا في العراق، أما باقي الضفاف أو الشواطئ، فهي متروكة للأقدار ما بين مدها وجزرها، وهكذا الأمر في العناية بعمق الأنهر وانسياب الماء فيها، والعشوائية في البناء إلى جوارها من دون ملاحظة الجانب الجمالي، وقلة الأشجار والبساتين بالرغم من وجود الماء الذي يرويها، وأرجو أن لا أكون متجنياً على بلادي وأهلي.

والمطلوب هو وضع خطط للسنوات العشر القادمة تخصص لها من ميزانية الدولة نسبة لا تقل عن 5% لتستوعب إشغال نحو مليون شخص. وتشمل الخطة بناء سدود لجميع الأنهر الكبيرة والصغيرة منها، للحد من انخفاض الماء عن المستوى المقرر لكل جزء من أجزائه، وعلى امتداده، مع دراسة احتمالات الفيضانات وضرورة توفير منافذ لتوجيه المياه الفائضة إلى بحيرات تستوعبها، ولا ننسى بأن هذه السدود مهمتها الأولى الحفاظ على مستوى الأنهر لغرض حركة اليخوت والقوارب ما بين أجزاء الأنهر التي تفصلها السدود. وهنا نعطي مثلاً نهر التيمز الذي يخترق لندن (أنظر ص  من هذا العدد).

من مميزات هذه السدود والأقفال المصاحبة لها هي تكوين الجزر الطبيعية داخل الأنهر مما يضفي جمالا على الأنهر، كما أن لهذه السدود فوائد أخرى، فهي تستعمل كجسور لانتقال العربات أو الأشخاص وغيرهم من ضفة إلى أخرى، وكذلك لنقل الأسلاك وأنابيب المياه والغاز. ويمكن الإستفادة منها لوضع شباك معدنية شبيهة بشباك الصيادين، تدور آلياً لجمع نفايات النهر من القناني والعلب المصنوعة والأخشاب وغيرها من النفايات التي تطفو على سطح النهر ونقلها إلى اليابسة والاستفادة من إعادة تصنيعها (هذه الفكرة أتتني وطرحتها خلال المؤتمر الذي انعقد بتاريخ 12/06/2003 من هذه السنة في مدينة "ستينز" لمعالجة آثار الفيضان الذي ألمّ بالمنطقة وخاصةً على المساكن التي تعيش على ضفاف نهر التيمز، وهي نتيجة لما أصاب منزلي الذي يقع على ضفاف التيمز من تجمع الطمى والأوساخ).     

وينبغي أن يكون في الخطة التأكيد على حفر الأنهر لإزالة الطمى لأنه يعيق الحركة، والعناية بشواطئ الأنهر الرملية حيث إنها مواقع طبيعية للاستجمام والتنزه، وبناء الأرصفة أو جوانب الأنهر خاصةً عند مرورها داخل المدن والمجمعات السكنية المنشأة على شواطئ الأنهر بالارتفاع المناسب والذي لا يشوه منظر النهر، وذلك لمنع تآكل ضفافها ولدرء تسرب المياه إلى المناطق السكنية.

كما وينبغي فتح أبواب استيراد اليخوت السياحية والقوارب الشخصية والنقل النهري بأنواعها وأشكالها لتدب الحركة في الأنهر. وتشجيع القطاع الخاص على التوجه إلى الإستثمار في صناعة اليخوت والقوارب وورش صيانتها ومواقع إرسائها ومحلات بيع العدد ومستلزمات الحركة النهرية. وكذلك إنشاء القرى السياحية العصرية على ضفاف الأنهر للوصول إليها بواسطة الطرق البرية والنهرية، وكذلك المطاعم والمنتزهات. وإنشاء النوادي الرياضية النهرية على اختلاف أنواعها.

ولابد من المحافظة على الثروة السمكية وذلك عن طريق المحافظة على نقاوة المياه وذلك من خلال التوقف عن رمي الأوساخ وعادم الزيوت والوقود المستعمل في محركات تسيير اليخوت والقوارب وذلك عن طريق حملات التوعية وسن القوانين وإجراءات الحماية التي يجب أن تصاحب حملة الانفتاح على السياحة النهرية. كما وينبغي حماية الطيور التي تعيش في الأنهر والبحيرات بمختلف أنواعها، ومنها البط والبجع ومنع اصطياد النادر منها.

وفوق ذلك كله، تجب المحافظة على قيمنا الإسلامية والعائلية وينبغي أن لا ندع البعض يشوه سمعة أنهرنا أو شواطئها كما حدث في السابق وفي بلدان إسلامية أخرى مما يحرم الكثير من البيوتات والأفراد الخيرين من التوجه إليها.

وربما تجدر الإشارة إلى أن شعوب دول الشمال الباردة تبدي كل هذا الاهتمام بأنهرها، بالرغم من أن صيفها قصير وشتاءها طويل، ومجال استفادتها الاجتماعية من أنهارها محدودة، ونحن صيفنا طويل وشتاؤنا قصير ومجال استفادتنا من الأنهر كبيرة ولكننا مقصرون.

ورب قائل يقول أين حالة العراق اليوم من هذه الأحلام الإفلاطونية؟ فأقول لولا الأمل لبطل العمل، ألسنا جميعا نخطط لعراق نموذجي أفضل ولنجعله قبلة للسياحة العالمية؟!

والله ولي التوفيق.

Copyright © A S Shakiry and TCPH Ltd. 

  Back
 
  
> 64 . العØ...
> 63 . سياح...
> 62 . آليØ...
> 61 . آليØ...
> 60 . الرØ...
> 59 . كيف Ù...
> 58 . أين Ø...
> 57 . كيف Ù...
> 56 . دبي Ø...
> 55 . الحØ...
> 54 . استر...
> 53 . سبل Ø...
> 52 . جامØ...
> 51 . النØ...
> 50 . المØ...
> 49 . ذكرÙ...
> 48 . مساØ...
> 47 . جذور...
> 46 . ملتÙ...
> 45 . دور Ø...
> 44 . أي Ù…Ù...
> 43 . السÙ...
> 42 . لنجØ...
> 41 . المØ...
> 40 . الرÙ...
> 39 . الرÙ...
> 38 . زيار...
> 37 . السÙ...
> 36 . السÙ...
> 35 . سياح...
> 34 . السÙ...
> 33 . الفÙ...
> 32 . فضاء...
> 31 . الفØ...
> 30 . المØ...
> 29 . أهمÙ...
> 28 . الجÙ...
> 27 . بغدا...
> 26 . حجاب...
> 25 . مشرÙ...
> 24 . الثÙ...
> 23 . السÙ...
> 22 . أرقØ...
> 21 . سياح...
> 20 . اللØ...
> 19 . السÙ...
> 18 . كيف Ø...
> 17 . الحØ...
> 16 . في رØ...
> 15 . الإØ...
> 14 . الأÙ...
> 13 . الضÙ...
> 12 . مهرØ...
> 11 . السÙ...
> 10 . السÙ...
> 9 . الأÙ...
> 8 . السÙ...
> 7 . هل س...
> 6 . نحو Ø...
> 5 . السÙ...
> 4 . السÙ...
> 3 . بين Ø...
> 2 . السÙ...
> 1 . نعم ....

 


Founded by Mr. A.S.Shakiry on 2011     -     Published by TCPH, London - U.K
TCPH Ltd
Islamic Tourism
Unit 2B, 2nd Floor
289 Cricklewood Broadway
London NW2 6NX, UK

Copyright © A S Shakiry and TCPH Ltd.
Tel: +44 (0) 20 8452 5244
Fax: +44 (0) 20 8452 5388
post@islamictourism.com