سوق السفر العالمي: تفاؤل عربي رغم الصورة السلبية للشرق
06/01/2005

لندن-كارين دابروفسكي

بالرغم من الصورة السلبية للشرق الأوسط نتيجة التطورات السياسية الحديثة، فإن موقف الدول العربية والإسلامية في سوق السفر العالمي لهذا العام من مستقبل السياحة يتميز بالتفاؤل. وهناك خطط كبيرة لتطوير السياحة، وهي تركز على سياحة البيئة بشكل كبير.

وحسبما ذكر السيد هاني شكريان، من شركة كاردو تور الأردنية، فإن التحدي الذي يواجه البلدان العربية هو إظهار هوياتها الفردية وليس انطوائها تحت مسمى منطقة الشرق الأوسط القلقة. وقبل سنتين، قام العاهل الأردني بنفسه ليصور فيلما ترويجيا لتغيير صورة البلد وإظهار أنه آمن. والتركيز الآن يدور حول سياحة المغامرات، البيئة، والسوق الإيرانية. وقد سويت المشاكل السياسية بين البلدين، ويستطيع الإيرانيون الآن الحصول على التأشيرة حال وصولهم. وهناك أيضا مساع لاختراق السوق الصينية، كما قال شكريان.

شكري أبو حمدان، صاحب وكالة سفر مقرها القدس، يعاني من صعوبة تعريف الزبائن بموقع فلسطين على الخارطة. البعض يعتقد أنها إسرائيل. وحله للقضية سهل، فهو يروّج للأراضي المقدسة التي كان يحج إليها منذ زمن السيد المسيح (ع). ولا يكمل الحج المسيحي إلا بزيارة بيت لحم، الخليل، أريحا وغزة.

وجذب السياح البريطانيين إلى لبنان هو مشكلة كبرى حيث إن هيئة السياحة اللبنانية في لندن قد أغلقت أبوابها، كما قال ميشيل هوز، مسؤول المملكة المتحدة وأيرلنده في خطوط طيران الشرق الأوسط. ومن المفارقة أن حوادث أيلول/ سبتمبر قد منحت لبنان زيادة في أعداد السياح الخليجيين. "إنها سوق سهلة، فهناك لغة مشتركة، وكل تركيزنا الآن هو على السياحة العربية"، كما أوضح هوز.

وتأسست في المملكة العربية السعودية في عام 2000 هيئة لتنشيط السياحة. وقال عبد العزيز شاهين، وهو مدير للبرامج السياحية في الخطوط الجوية السعودية، "لدينا البنية التحتية، المواقع التاريخية، إمكانيات السياحة البيئية، المحميات الطبيعية، الجبال والحيوانات المائية المتنوعة، وما نحتاجه هو تطوير قطاع للخدمات يساند السياحة. وقد افتتحت كليتان للتدريب السياحي في المملكة".

إن موقف المجلس الأوروبي المتمثل بإعداد تعليمات حول إنهاء عزلة شمال قبرص، سوف يكون له تأثير فعال على تطور السياحة فيها لكون الرحلات الجوية المنتظمة سوف تعاود الطيران في عام 2005. درويش دينز، وزير الاقتصاد والسياحة، مقتنع بأن السياحة في شمال قبرص التي جرى تجاوزها خلال 30 عاما سوف تأخذ مكانها بقوة في الساحة العالمية. وقد عقد مؤتمرا صحفيا في سوق السفر العالمي لإعلان أن الجزيرة سوف تروّج لسياحة نوعية طبقا للخطة الكبرى التي سينتهي إعدادها نهاية عام 2004.

ويضم شمال قبرص 90% من تاريخ قبرص وسوف يطوّر لسياحة التاريخ والتراث بدلا من السياحة الشاملة التي يرغب فيها سياح لا يرون غير الشواطئ والفنادق.

ومثلما هو الحال في شمال قبرص، تشدد تركيا على أنها جزء من أوروبا. واعتاد الأتراك على الحضور في سوق السفر العالمي بقوة خلال 16 سنة، وكان لكل منطقة سياحية كبيرة موقعها في السوق هذا العام. والتأكيد هو على الأعداد وعضوية الاتحاد. وفي عام 2003 زار تركيا 12 مليون سائح، ويكاد يكون الرقم 14 مليون لعام 2004 قد تحقق، في حال أن الهدف خلال 2005 هو 25 مليون زائر، ودخل مقداره 30 بليون دولار.

وكان من نتائج المصالحة الغربية مع ليبيا أن انتعشت السياحة فيها. ويقول مصطفى الشيباني من اللجنة الشعبية للسياحة أن "لدينا التاريخ، البحر، الصحراء والمواقع التاريخية القديمة، ولذا فإن السياحة الليبية ينتظرها مستقبل باهر، وسوف تنمو من قوة إلى قوة" وهذه الرسالة المتفائلة قد وجدناها لدى ثمان شركات سياحية ليبية وزعت منشوراتها وصورها الكبيرة الملونة في أجنحة واسعة في المعرض تضاهي سعة الصحراء.

لقد احتفى السوق هذا العام بالذكرى الخامسة والعشرين لقيامه. وعقد في معرض أكسيل للفترة 8-11 تشرين الثاني/ نوفمبر، وكان السوق الأول من نوعه في توفير منبر للحوار بين رجال الأعمال، مع 5 آلاف عارض، ونحو 44 ألف عامل في قطاع السياحة من 190 بلدا.

وواحدة من الأساسيات التي التزم بها السوق وأثبتت نجاحها هي عدم تدخله في السياسة. وبالرغم من الضغوطات التي مارستها بعض الجهات خلال السنين الطويلة لمنع بعض الدول من المشاركة، فقد أصر المنظمون على مشاركتها. ويعتقد هؤلاء بأن السفر والسياحة يمكنهما أن يكونا قوة أساسية للخير، ومساعدا لتفهم الاختلافات الثقافية والدينية بين الشعوب.

ويبدو أن المبدأ القرآني حول خلق الناس من شعوب وقبائل مختلفة كي يجتمعوا ويتعارفوا قد تحقق في سوق السفر العالمي. وتشارك الدول العربية والإسلامية بقوة وهي تتعرف على الثقافات الأخرى. والسعودية الآن هي الوجهة المفضلة لدى اليابانيين، والأردن يركّز على السوق الصيني، وعلى أية حال فإن الصين هي ثلث العالم!