مع مناسك الحج هذا العام
02/03/2005

كيف تكونت لدي فكرة الحج؟

بعد صيام شهر رمضان وختم القرآن الكريم شعرت بفراغ إيماني وشوق لمواصلة ما درجت عليه خلال شهر رمضان من تلاوة للقرآن الكريم وقراءة الأدعية فقررت أن أبدأ بختمة جديدة للقرآن الكريم أتلوها كلما أستيقظ ليلا أو في ساعات الفجر. وكنت أواصل المشاركة في صلاة الجمعة، حيث بدأت حملات الحج تعلن عن برامجها. فالتقيت بأحد معارفي بعد الصلاة، وقلت له: أتمنى أن أقوم بالحج هذه السنة. فقال إنها ميسرة وهناك حملة الإحسان وفيها نخبة من العلماء والمرشدين الدينيين وبرامج مكثفة في المواعظ وجلسات الدعاء والتضرع إلى الله تعالى. وترسخت الفكرة يوما بعد يوم إلى أن اتخذت القرار وحجزت مع الحملة التي رشّحها قريبي. وتم السفر بتاريخ 9/ 1/ 2005 مع مجموعة كبيرة من النساء والرجال من مطار هيثرو إلى المدينة المنورة حيث وصلناها مساءً، ولم يسمح لنا الوقت للذهاب إلى المسجد النبوي الشريف في تلك الأمسية، وكان موقع الفندق الذي نزلنا فيه لا يبعد عن المسجد النبوي غير 300م.

ويوم 10/ 1 بدأنا فجرا بالتوجه إلى مسجد الرسول الأعظم لأداء صلاة الصبح وتلاوة القرآن الكريم، ثم رجعنا إلى الفندق لتناول الإفطار والاشتراك في جلسات الوعظ لغاية صلاة الظهر حيث توجهنا إلى المسجد ثانية فأدينا صلاة الظهر والتلاوة والأدعية وصلاة العصر. ثم رجعنا إلى الفندق لتناول الغداء والاستراحة. وعند الغروب توجهنا إلى المسجد النبوي الشريف لأداء صلاتي المغرب ثم العشاء، ثم عدنا إلى الفندق، حيث العشاء والمزيد من جلسات الوعظ والإرشاد والتي تركزت على موضوع مناسك العمرة والحج. وهكذا استمرت الأيام خلال فترة إقامتنا في المدينة المنورة.

زيارة المساجد السبعة

وفي 11/ 1 توجهنا إلى موقع معركة أحد وزيارة قبر عم الرسول (ص) حمزة سيد الشهداء، ومسجد قبا (أول مسجد أنشأ في المدينة عند وصول الرسول (ص) إليها)، ومسجد القبلتين حيث كان الرسول يصلي إلى جهة المسجد الأقصى ثم حول الاتجاه إلى الكعبة بأمر الله تعالى. ثم زرنا المساجد السبعة ولم يتعد ذلك الوقوف عند المكان فقط لأن الموقع كان مغلقا هذه السنة، ثم رجعنا إلى الفندق.

زيارة مقبرة البقيع

وفي 12/ 1 زرنا مقبرة البقيع، وهي المقبرة التي دفن فيها أربعة من أئمة أهل البيت، وهم: الحسن بن علي بن أبي طالب، وزين العابدين علي بن الحسين، ومحمد الباقر، وجعفر الصادق، وهم من ذرية الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام جميعا). وهناك الكثير من الصحابة والأولياء الصالحين الذين دفنوا فيها منذ صدر الإسلام. وللأسف، فإن جميع هذه المقابر مخربة لأن إعمارها ينافي العقيدة الوهابية، بالرغم من أنه يتماشى مع عقائد كل المذاهب الإسلامية الأخرى، حيث تتجسم في هذه المقابر القيم الإيمانية والسير الحسنة وتتجسم في مخيلة زوراها الحياة الصالحة التي عاشها هؤلاء الذين يرقدون بسلام في ثراها. وزيارتها من قبل الأحياء فيها استعادة للقيم الروحية والإيمانية لتعتبر بها الإنسانية وتتخذها مزارا تتقرب فيه إلى الله سبحانه وتعالى عن طريق تلاوة الأدعية ومولاة الرسول وأهل بيته الميامين.

وقد قمنا خلال إقامتنا في المدينة المنورة بمحاولات عديدة لزيارة مقبرة البقيع، وهي تفتح في أوقات محددة ويتزاحم على دخولها الكثير من الحجاج وخاصة الموالين لأهل البيت (ع)، فوفقنا في بعضها ودخلنا البقيع، وفي الأوقات الأخرى صرنا على مقربة من المقبرة، أو في الباحة الممتدة ما بين المسجد الشريف ومقبرة البقيع ولم ندخلها.

وفي 13/ 1 توجهنا صباحا إلى المسجد النبوي الشريف، وقمنا بعدة محاولات للصلاة في البقعة المباركة ما بين قبر الرسول (ص) ومنبره، وهي قطعة من الجنة كما ورد في الحديث النبوي الشريف: (ما بين منبري وقبري هذا روضة من رياض الجنة). وللأسف فإن احتكار بعض الحجاج للمكان ومكوثهم فيه قد حرم الآخرين من أداء الصلاة هناك.

السير إلى مكة المكرمة

14/ 1ØŒ بعد صلاة الجمعة في المسجد النبوي الشريف، وبعد طعام الغداء، تحركنا إلى مكة لأداء مناسك العمرة والحج، وأول محطة لنا كانت على حدود المدينة المنورة حيث تم إنجاز الإجراءات الرسمية، من استلام الجوازات في قسم التفويج فزود كل حاج بصندوق فيه بعض المعلبات لتكون زادا له في الطريق، وهي هدية من أمير المدينة. ثم وصلنا إلى أبيار علي/ مسجد الشجرة لغرض عقد نية الإحرام، ومن هنا بدأت مناسك العبادتين العمرة والحج. وواجبات عمرة التمتع خمسة، ومنها الإحرام (ومن واجباته: لبس ثوب الإحرام، والنية، والتلبية (لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك)). ثم توجهنا إلى مكة المكرمة، وقفنا عند حدودها وتمت إجراء مراقبة الجوازات والتوجه إلى مركز المطوفين لإتمام مراسيم التسجيل وكانت مطولة شيئاً ما بعدها وصلنا إلى الفندق في الساعات الأولى من يوم 15/1. ومن الحجاج من كانت له القوة على الذهاب مباشرة بعد ترك أغراضه في غرفته إلى أداء بقية مناسك العمرة من طواف حول الكعبة وصلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم (ع) والسعي بين الصفا والمروة لسبع مرات ثم التقصير، أي قص الشعر، وبعدها يتم التحلل من الإحرام ولبس اللباس العادي. واستغرق ذلك كله طوال الليل حتى صلاة الفجر. ومن المعتمرين من أدى ذلك في ساعات متأخرة من ذلك  لحاجتهم للقيلولة والنوم بسبب الضعف وتعب السفر.

وكان يوما 16/ 1 و17/ 1 عامرين بالصلاة أمام الكعبة في الحرم المكي أو قربه، وذلك بسبب ما تيسر من مكان. ومن شدة الازدحام، أني أديت الصلاة واقفا، وكان سجودي عبارة عن لمس الأرض بأصابع يدي لعدم توفر مكان للسجود بين حشود المصلين، بالرغم من أنني كنت خارج الحرم وقرب السوق.

مناسك الحج

يوم 18/ 1 تم الشروع في مناسك الحج وهي 13 منسكا:

·       الإحرام من داخل حدود مكة القديمة، ثم التوجه إلى جبل عرفات حيث نزلنا في مخيم كبير وقضينا معظم الليل في تلاوة القرآن والأدعية مع قليل من النوم.

·       الوقوف في عرفات من زوال اليوم التاسع إلى الغروب، متضرعين إلى الله سبحانه وتعالى، وسائلين التوبة والمغفرة والرحمة. وتوجهنا قبيل الغروب إلى المزدلفة حيث قضينا ليلتنا في تلك الأرض القاحلة. وقد تم جمع الحصى المطلوبة لرمي الجمرات.

·       الوقوف في المشعر الحرام في مزدلفة من الفجر إلى طلوع الشمس يوم عيد الأضحى 20/ 1ØŒ وعند طلوع الشمس توجهنا إلى منى.

·       وفي منى، تم رمي جمرة العقبة الكبرى بسبع حصبات في منى يوم العيد ووقته من أول طلوع الشمس يوم العيد إلى غروبها.

·       الهدي (النحر) يوم العيد في منى.

·       الحلق أو قص شيء من الشعر أو الظفر في منى، وبذلك يحل ما حرم عليه من جهة الإحرام ما عدا النساء والطيب، بل الصيد على الأحوط عند البعض، ويسمى هذا بالمحلل الأول.

·       طواف الحج سبع مرات حول الكعبة المشرفة.

·       صلاة طواف الحج، كما سبق في طواف العمرة.

·       السعي بين الصفا والمروة. وبذلك يحل للحاج كل شيء حرم عليه بالإحرام ما عدا النساء، ويسمى هذا بالمحلل الثاني.

·       طواف النساء.

·       صلاة طواف النساء، وبذلك تحل له النساء أيضا. كما أنه لو طافت المرأة وصلت صلاته حل لها الرجل أيضا، وهذا هو المحلل الثالث عند الفقهاء.

·       المبيت في منى ليلة الحادي عشر من ذي الحجة حيث تخللته قراءة القرآن والأدعية.

·       رمي الجمرات الثلاث في اليوم الحادي عشر، الصغرى والوسطى ثم الكبرى، ولكل منها سبع حصبات.

·       المبيت في منى ليلة الثاني عشر حيث تخللتها قراءة القرآن والأدعية.

·       رمي الجمرات الثلاث في اليوم الثاني عشر كما ورد أعلاه.

وهكذا تمت على بركة الله مناسك الحج.