زلزال وإعمار
02/03/2005

إن الزلزال الذي دمر عدة بلدان من جنوب شرق آسيا نهاية شهر ديسمبر/ كانون الأول 2004، يعد من أخطر الكوارث على الإطلاق في تاريخ البشرية. إن وسائل الإعلام العالمية تخبرنا يوميا عن أكثر من 200,000 من الضحايا ـ من بينهم أكثر من 8,000 أوربي ـ وكذلك الخسائر المادية التي لا تحصى والأمراض والعاهات التي لا توصف.

وقد تحركت البلدان الغنية من أجل المساعدة المادية والمعنوية للضحايا في سري لانكا وتايلند وأندونيسيا والهند وميانمار وبنغلاديش وجزر المالديف،وغيرها. إن الحكومات والمنظمات غير الحكومية تبعث كل يوم أطنانا من المواد الغذائية والأدوية من أسبانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وألمانيا وكندا وأستراليا، وغيرها، زيادة على الخبراء في ميدان الكوارث الطبيعية. وأبت البلدان العربية إلا أن تكون من الدول السباقة لإرسال موارد بشرية ومادية، وجاءت المساهمات من العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وليبيا والجزائر وقطر، وغيرها من البلدان العربية، وهي مساهمة في هـذا المجهود العالمي من أجل إسعاف ملايين البشر الذين فقدوا كل شيء ولا يستطيعون مواصلة الحياة إلا بهذه المساعدات.

وإنه لمن العزاء حقا أن تتجند وتتعبأ الإنسانية بهذه القوة والروح التضامنية في حالة مثل هذه الكارثة. ومع ذلك، فتجب مطالبة، كما فعل السكرتير العام للأمم المتحدة نفسه، الحكومات أن تفي بالوعود التي قطعتها على نفسها بشكل علني ومهيب. والمسألة لا تقتصر على الوفاء بالعهد، بل إنها مسألة المساعدة في إعادة إعمار بلدان بأكملها في ميدان البنية التحتية الأساسية كالماء والكهرباء والطرق والمستشفيات والمدارس، ولكن أيضا في ميدان الصناعة بشكل عام والسياحة بشكل خاص، وهي ذات أهمية قصوى لهذه البلدان.

إن السياحة تشكل مداخيل مالية هامة لأكثرية تلك البلدان المتضررة، وهي كذلك فرصة للاستثمار بالنسبة لشبكات الفنادق ومؤسسات البناء ووكالات الخدمات. وشعوب هذه البلدان تحتاج إلى مساعدات شتى، تمكنها من العيش والعمل والأمل. وإذا كان من السابق لأوانه تحديد عواقب تلك الكارثة العظمى على اقتصاديات العالم، كما صرح بذلك صندوق النقد الدولي يوم 4 يناير/ كانون الثاني 2005، فإن ما يمكن تأكيده منذ الآن هو أن العواقب كانت مدمرة تماما لاقتصاديات البلدان المتضررة. وهناك شيء واضح: إذا كانت اقتصاديات العالم مترابطة، فيجب أن يكون التضامن شاملا ومترابطا وفعليا.