جسر من التعاون يمتد بين الشرق والغرب العربي هكذا دار حوارنا مع السيد رؤوف قضومي مدير الترويج والاتصال في الديوان الوطني التونسي للسياحة لبحث سبل التعاون بين بلدان الخليج وخاصة قطر وبين تونس البلد السياحي العربي المسلم كجسر سياحي يمتد عبر الثقافة والدين واللغة الواحدة. ومحاولة لتكامل حركة السياحة العربية، وليؤكد علي مدي تقبل السياحة التونسية للسائح العربي والخليجي وتوافق المجتمع التونسي ومتطلباته مع متطلبات السياحة الخليجية.

ما هي الاستراتيجية التي تتبعونها لترويج السياحة في تونس ، وهل تم صياغتها بعد أحداث ال11 سبتمبر وهل أعطت ثمارها ؟

- صحيح كان لابد لنا من إعادة صياغة خططنا الترويجية لاستيعاب تداعيات تلك الأحداث ، لاسيما وأن معظم السياح الذين يفدون الي تونس هم من الأوروبيين ، وقد قمنا بداية بعملية اتصال واسعة مع مكاتب الترويج السياحي التي تعني بتنظيم وتعهد الرحلات السياحية ، بهدف طمأنتهم والتأكيد علي أن تونس بلد آمن ومسالم وأن بيئته السياحية لم تتأثر بكل ما يحصل في العالم من مشاكل ، وذلك بالتزامن مع حملات ترويجية ودعائية واسعة ومنظمة ، منذ بداية عام 2002 بغية استرجاع عدد من الحصص التي فقدناها بفعل تلك الأحداث ، وخاصة في الأسواق الأوروبية تحديداً المانيا وفرنسا ، وذلك لم يكن سهلاً خاصة وأن تلك الفترة شهدت تجاذبات ومشاكل اجتماعية واقتصادية أثرت علي سلوك السائح الأوروبي، والوقت نفسه شهدت دول عديدة أخري صحوة سياحية إذا صح التعبير ، أوجدت أجواء منافسة غير تقليدية ونجحت في انتزاع حصة لها من السوق وهي بذلك كانت تشكل منافسة مباشرة وغير مباشرة لتونس لاسيما تلك التي تتشارك وإياها سوق واحد ، مثل تركيا ومصر ودول مجاورة رصدت اعتمادات كبيرة للترويج والجذب السياحي مما أهلها لحصد نتائج إيجابية.

ورغم ذلك فإن تونس ضغطت بشدة في اتجاه تثبيت موقعها في السوق العالمي ونجحت بالفعل في استعادة ما فقدته عام 2001 ، حيث تشير الإحصاءات الي أن تونس سجلت دخول مليون سائح فرنسي عام 2000 ، وهو عدد يزيد عن السنة التي سبقت أحداث 11 سبتمبر ، وهذه الزيادة انسحبت علي الأسواق الأخري باستثناء السوق الألماني الذي انخفض الي النصف فبعد أن كان عدد السياح القادمين من ألمانيا عام 2000 قرابة 880 ألف سائح ، انخفض الي 488 ألف سائح عام 2001، حيث كان من الضروري العمل علي استرجاع هذا العدد الكبير من السياح الذي فقدناه في ألمانيا من خلال المزيد من التركيز والترويج والتسهيلات لمتعهدي الرحلات السياحية والتي بدأت تعطي ثمارها تدريجياً.

ماذا يشكل قيام السوق الأوروبية المشتركة في حسابات تونس السياحية ؟

- يجب أن نوضح هنا بأن السوق الأوروبية المشتركة تشمل 25 دولة ، وتونس كانت أول الدول العربية التي تنشط في مجال الترويج السياحي في ألمانيا لاسيما بعد سقوط جدار برلين حيث كانت تونس السباقة في افتتاح مكاتب سياحية في ألمانيا، وكذلك في بودابست وموسكو ومكاتب كثيرة أخري في العديد من دول الاتحاد الأوروبي ، الي جانب مكاتب ترويجية في بعض الدول التي تقوم بالوقت نفسه بتغطية بلدان أخري مثل مكتب المجر الذي كان يغطي أيضاً صربيا وبلغاريا ورومانيا ، كذلك مكتب النمسا الذي يغطي سلوفانيا وكرواتيا.

كما أنه تجدر الإشارة الي أننا نربط دخولنا للاسواق الأخري بمسألة فتح خطوط جوية جديدة علماً أن لدينا أساساً حصة تصل الي 350 ألف سائح من أسواق أخري مثل أوروبا الشرقية ، و125 ألف من التشيك وقرابة مئة ألف سائح من السوق البولونية و67 ألفا من السوق المجرية ، بمعني آخر فإن اندفاعنا نحو السوق الأوروبية بناء علي حسابات واقعية وميدانية وتنافسية أبرزالمزايا التفاضلية والتنافسية التي يمكن تسويقها للأوروبيين بسهولة ، مستفيدين بالوقت نفسه من السمعة السياحية التي اسستها تونس منذ السبعينات كوجهة معروفة وتقليدية علي خارطة السياحة العالمية.

ولكن أين تونس من السوق السياحية العربية ؟

- لم يكن السوق السياحي العربي بمنأي عن اهتماماتنا وخططنا الترويجية للسياحة في تونس ، وتحديداً بالنسبة للسائح الخليجي وهناك بالمقابل استثمارات سياحية خليجية في تونس ، علماً أننا كنا نستقبل قرابة 139 الف سائح من منطقة الشرق الأوسط ، الا انه منذ سنوات تم التركيز بشكل أكبر علي منطقة الخليج لاعتبارات تتصل بقناعتنا بأهمية تنشيط السياحة البينية بين الدول العربية ، لذلك أخذنا في افتتاح مكاتب ترويجية في العديد من دول الوطن العربي ، ترافق ذلك بتوجيهات مباشرة من وزيالسياح التونسي بتوسيع هامش الاعتمادات الخاصة بترويج السياحة ، ومباشرة حملة ترويجية دعائية وإعلانية مكثفة توجهت بقوة نحو جذب السائح العربي وتحديداً العائلات لاسيما وأن تونس لديها كافة المقدرات والمقومات التي تنسجم وتلبي احتياجات السياحة العائلية.

وهل أحدث ذلك فرقاً علي مستوي الأرقام ؟

- في هذا السياق تجدر الإشارة الي أن الأرقام ليست مقياس مقارنة كونه لايعبر عن المداخيل الفعلية لأن السائح الخليجي ينفق أضعاف ما ينفقه الأوروبي ، لذلك لا يمكن الفصل في مصادر العوائد التي تحققها السياحة ، الا أنه يمكن القول بأن التركيز علي جذب السياح الخليجيين يمكن أن يعطي علي المدي البعيد عوائد مؤثرة وإيجابية جداً.

كيف تنظرون لخطوة الخطوط الجوية القطرية بتسيير رحلات مباشرة الي تونس اعتباراً من الثاني من مايو المقبل؟

- لا شك بأنها خطوة مهمة ومن شأنها توفير اتصال مباشر مع السوق الخليجي ، وسوف يساعدنا هذا الأمر في ترسيخ خطوات ترويجية في أكثر من اتجاه كون القطرية تتصل أيضاً بوجهات عالمية وأسواق مستهدفة في خططنا التسويقية للسياحة في تونس مثل الصين علي سبيل المثال لا الحصر ، لاسيما وأنه لدينا استراتيجية خاصة للسوق الصيني وكانت المشكلة في وجود الناقلات ، فالانتقال الي وجهة بعيدة مثل الصين يكلف الكثير من الجهد الذي ستختصره القطرية من خلال شبكة رحلاتها التي تربط العالم ببعضه ، لاسيما وأن السائح الأسيوي لديه ذهنية خاصة فيما يتعلق بخطط سفره للسياحة ، فهو عندما يسافر ليمضي إجازة من عشرة أيام ، يفكر في قصد وجهتين ، ونحن لدينا المؤشرات التي تؤكد بأن تونس أصبحت وجهة مقبولة لدي السائح الصيني فقد نالت تونس ما بين 50 و70 ألف سائح من السوق الصيني.

وتسيير القطرية رحلات مباشرة الي تونس سيضعنا في موقع الشركة مع مخزن عالمي واعد من السياح القادمين من الصين حيث أن الدراسات تشير الي أن عام 2020 سيشهد نمواً كبيراً في السوق الصيني يقدر بنحو مئة مليون سائح.

لكن هل هناك استعدادات خاصة لمواكبة حدث تسيير القطرية رحلات مباشرة الي تونس ؟

- ان هذه الخطوة علي أهميتها تفرض مسؤوليات مشتركة علي جميع المعنيين هنا في تونس كما في القطرية وكذلك بالنسبة لوكالات السفر والسياحة ، لتفعيل عملية الاستفادة من هذه الخطوة ولاشك أنه سيتم إقامة العديد من ورش العمل في تونس في إطار برامج ترويج مركزة وخطط سياحية مواكبة لتطلعات السائح القطري والسائح الخليجي عموماً بالتزامن مع رحلات تعريفية ودعائية تظهر المكنونات والمقومات السياحية المتوفرة في تونس.

ولكن من حيث التسهيلات والتأشيرات هل يمكن أن تصبح الأمور أسرع؟

- أننا ندرك ذهنية السائح الخليجي ومتطلباته ، فهو يقرر بسرعة ويحتاج الي تسهيلات بعيدة عن الروتينية وهو يتشارك بذلك مع السياح العرب عموماً ، ولدينا النية والآليات التي مع الوقت ستتفاعل بشكل إيجابي مع تلك الرغبات والمطالب ، وفي اعتقادي أن العمل لحل تلك المعوقات إن صح التعبير يحتاج الي جهود كافة الدول التي تنشد تشجيع السياحة البينية العربية ، خاصة بالنسبة لدولة سياحية مثل تونس التي تشكل السياحة ما نسبته 54% من ميزان العجز التجاري لديها ، حيث أن حصتها من السوق السياحي عام 2004 وصلت الي مليارين و38 مليوناً و800 الف دينار بزيادة نسبتها 17.7% عن السنة التي سبقتها ، فهي تنال مليون سائح فرنسي في السنة و750 الف سائح الماني و477 الف سائح إيطالي و314 الف سائح بريطاني وأعداد متفاوتة من السياح الأجانب وتعد ليبيا أكبر الدول العربية التي يفد منها السياح الي تونس ويصل عددهم الي 1.480 الف سائح.

علماً أن لدي تونس امكانات هائلة لاستيعاب أعداد أكبر من السياح ، فلديها 220 ألف سرير موزعين علي 800 فندق من فئة أربعة وخمسة نجوم ، التي يتركز جزء كبير منها في منطقة الحمامات وهي منطقة سياحية متميزة ينجذب اليها معظم السياح.

هذه الإمكانات الكبيرة لماذا لم تستهدف جذب السائح الخليجي من قبل؟

- طالما كان السائح الخليجي في دائرة اهتمامات الترويج السياحي لتونس الا أن ما يخص اليوم هو زيادة في التركيز علي تطوير السياحة البينية الخليجية والعربية لاسيما وان الأمور تطورت واتجاهات السياح في دولنا العربية تغيرت واصبحت أكثر إنتماءً الي الداخل العربي ، فمكاتب الترويج السياحي لتونس متواجدة اليوم في أكثر من منطقة خليجية وعربية وموزعة بحيث تغطيها بشكل مناسب ، بحيث تحمل رسالة تونس للسائح العربي وتبرز النواحي التفاضلية والإيجابية والتنافسية في آن مقارنة بوجهات سياحية أوروبية كانت وجهات مفضلة لدي السائح الخليجي والعربي عموماً ، فلدينا اللغة المشتركة والتي تسهل عملية التواصل ، والدين والعادات والتقاليد ، ولدينا الأمن والاستقرار وهي عناصر أساسية في الجذب السياحي في أيامنا هذه ، ناهيك عما تتمتع به تونس من تاريخ وتراث عريق ومقومات مناخية وجغرافية وأماكن استجمام واستشفاء وعلاج و مرافق ترفيهية وسياحية مختلفة ، الي جانب حوافز تشجيعية للاستثمار والتملك التي تجعل من تونس وجهة مثالية للسائح الخليجي والعربي.