العقيق اليماني: أسرار غريبة تثير اهتمام السياح
29/04/2005

صنعاء- خالد الضبابي

عندما تزور اليمن، وتبدأ رحلتك من عاصمتها صنعاء، فإن أول ما يجب عليك عمله هو القيام بزيارة مدينة صنعاء القديمة. وإذا قمت بذلك فإن أول شيء يجب عليك التفكير به هو زيارة بسيطة لأحد محلات بيع العقيق اليماني والتي غالبا ما تجدها منتشرة هنا وهناك في أوساط سوق الملح بمدينة صنعاء القديمة، ففي هذه المحلات يمكنك التعرف عن قرب على أشياء لطالما حلمت بها، ومعرفة أسرار شهرتها.

زيارتك هذه تعني أنك ستقضي أوقاتا ممتعة وأنت تستمع أولا إلى بائعي العقيق الذين يحاولون وبشتى الطرق أن يقنعوك بشراء ما بحوزتهم من فصوص. واحتكاكهم الدائم بالجنسيات المختلفة من السياح جعلهم يتقنون الحديث بمختلف اللغات العالمية. أما المتعة الأخرى التي ستحققها من زيارتك هذه فتكمن في معرفة كيفية إنتاج العقيق اليماني.

والعقيق كما هو معروف موجود في عدة بلدان من دول العالم ، إلا أن شهرته ارتبطت ارتباطا كبيرا باليمن، فأصبح لا يذكر العقيق إلا مقترنا باليماني. ويشتهر اليمن، ومنذ أقدم الأزمان، بوجود أنواع من المعادن والأحجار الكريمة المختلفة. ومن أهم الأنواع هذه هو العقيق اليماني الذي ذاع صيته في العالم. وقد جاوزت شهرته حدود جماليته وفنه حتى ارتبطت هذه الشهرة بالكثير من الأساطير والخرافات، فثمة من يعتقد أنه يولد الفرح والحبور في القلب، وآخرون يعتقدون أنه يجلب الرزق الوفير والخير الكثير، وأنواع أخرى منه تعالج الأمراض.

وتنوعت التفسيرات والروايات المتناقلة حول بداية معرفة اليمنيين لهذا النوع من الأحجار الكريمة، فكثير من الروايات ترجع بداية اكتشاف هذا الحجر الثمين إلى عصر الدولة الحميرية. كما تشير بعض المراجع التاريخية إلى أن ممارسة اليمنيين لمهنة نحت الجبال والصخور وبناء القصور والمعابد أدى إلى اكتشافهم لهذه الحجارة الصماء وهو منافس قوي للذهب والفضة.

وللعقيق اليماني مزايا كثيرة واستخدامات متعددة تجذب الناس إليه واقتنائه. وتكمن هذه المزايا في ألوانه البراقة والأخاذة، وكذلك في أحجامه النادرة، إلى جانب الزخارف والأشكال التي يحتويها، فضلا عن الرونق الجمالي الذي يضفيه على المصوغات الذهبية والفضية. وهو قوي وصلب ويؤثر في الزجاج دون أن يتأثر، علاوة على رسومه الجذابة كلفظ الجلالة وصور الأشجار وعيون الحيوانات والطيور، وهي رسوم طبيعية لم تدخل يد إنسان في تشكيلها. وهي تتكون، كما يقول بعض خبراء العقيق في اليمن، نتيجة البرق أو عند هـطول الأمطار على هذه الأحجار.

وهذه السمات والمزايا، بغض النظر عن كونها حقائق أم خرافات، هي التي جعلت العقيق اليماني أكثر رواجا وشهرة في العالم. وهذا هو السبب الذي جعل من زيارة هذه المحلات في اليمن أمرا لابد منه، فأصبحت هذه المحلات تعج بالزوار لاسيما الأجانب منهم والذين يكون أغلبهم من السياح الألمان والأسبان واليابانيين ومن دول الخليج العربي ومصر والعراق وإيران، فتجدهم يتنافسون على شرائه وبأغلى الأسعار، والتي قد تتجاوز أحيانا 300 دولارا للفص الواحد، بينما توجد فصوص أخرى لا يتجاوز سعرها دولارا واحدا للفص الواحد.

استخراج العقيق وإنتاجه

يعتبر العقيق اليماني من الأحجار الكريمة والنفيسة، حيث يتم استخراجه من بطون الجبال، خصوصا الجبال البركانية. واستخراج العقيق من مناجمه عملية تحتاج إلى جهود جبارة في شق الصخور بالآلات الحديدية المختلفة، ولا يعرف أماكنها إلا أناس متخصصون ومتوارثوا هذه المهنة. والوصول إليها يكون غالبا من مساحة لا تتجاوز عشرة أمتار مربعة، وعمق يصل إلى ثمانية أمتار. وبعد استخراجه يتم تنظيف هذه الأحجار وتكسيرها، ومن ثم تبدأ عمليات إنتاجه، حيث تتم هذه العملية على سبع مراحل، كما أفاد بذلك حرفيوا العقيق، وهذه المراحل هي:

·       التنظيف من الشوائب وتشكيل الحجر بقطع معينة حسب الطلب.

·       مرحلة التخمير (وضع المادة على الغاز في درجة حرارة معينه).

·       تشكيل شكل الفص أو الحجر ويسمى "التشويب" وهو الاسم المهني.

·       القراب، وهو إزالة الخدوش التي سببتها المرحلة التي سبقتها.

·       مرحلة الطسي، أو مسح الفص حتى يصبح أملسا.

·       مرحلة تنعيمية.

·       تلميعه لكي يصبح براقا ولامعا.

أنواع العقيق

هناك ما يربوا على عشرين نوعا من العقيق، أهمها العقيق الرماني الأحمر، وهناك العقيق"المشجر" الذي يتميز بأشكال مختلفة ورسوم طبيعية، منقوش عليه لفظ الجلالة وهو من أرقى أنواع العقيق اليماني المستخدم في الزينة ويسمى أيضا بالجزع البقراني. كما يوجد أنواع أخرى للعقيق مثل"الزبرجد" ويوجد منه ألوان مختلفة كاللون الأزرق والأبيض والأخضر والرمادي، وكذلك العقيق الكبدي الرماني والعقيق المصور والعقيق الأصفر والسماوي والسليماني.

وفي الأخير إذا كنتم ممن يبحث عن أجمل هدية فأقول لكم إن العقيق اليماني هدية تحظى دائما بالقبول والتقدير لدى محبي العقيق في العالم.