السياحة الثقافية واقع التجربة التونسية وآفاقها
11/06/2005

حققت التجربة التونسية في مجال المحافظة على التراث والحرص على إدراجه ضمن الدورة الاقتصادية كسند للتنمية وكمجال للأستثمار السياحي نتائج ايجابية بفضل الإجراءات والحوافز التي أقرها الرئيس التونسي زين العابدين بن علي لدعم السياحة الثقافية وصيانة التراث بجميع مكوناته.

وتعتبر تونس من البلدان المعروفة بثراء مخزونها التراثي من مواقع أثرية ومعالم ومدن تاريخية وتعبيرات ثقافية متنوعة تضرب جذورها في العصور البونية والرومانية والبيزنطية ومختلف مراحل تاريخها العربي والإسلامي.

كما تعد تونس بلدا سياحيا يزوره السياح من مختلف بلدان العالم وقد نجحت في إرساء صناعة سياحية متطورة بفضل جهودها المستمرة للنهوض بالقطاع السياحي إذ اعتبرته خيارا استراتيجيا في سياستها التنموية.

وتظهر المؤشرات والأرقام المسجلة مدى تطور القطاع السياحي في تونس حيث بلغت الطاقة الإيوائية حوالي 226 ألف سرير سنة 2004 بالتوازي مع ارتفاع عدد السياح الوافدين الذي تجاوز الأربعة ملايين سائح أي بزيادة تقدر بـ 18.5% مقارنة مع سنة 2003.

ووعيا بأهمية السياحة الثقافية ودورها في إثراء القطاع السياحي حرصت تونس على تعبئة مخزونها الثقافي والحضاري والطبيعي وترشيد التصرف فيه لتطوير المنتوج السياحي وذلك في نطاق خطط وبرامج عملية تشارك فيها كافة الأطراف المعنية.

كما أضحت السياحة الثقافية خيارا استراتيجيا بعد إقرار سنة 1999 الخطة الوطنية للنهوض بالسياحة الثقافية والبيئية بإذن من رئيس الدولة والتي أصبحت مجسمة في برامج وتدخلات ميدانية حددت بـ 31 منطقة ثقافية وبيئية بقيمة 38 مليون دينار موزعة بين المعالم والمواقع والمتاحف ومسالك المحميات الطبيعية.

وتهدف هذه الخطة بالأساس إلى بعث منتوج سياحي ثقافي متنوع يتيح استغلال المخزون الحضاري والثقافي بمختلف عناصره وذلك بالتنسيق بين كافة الأطراف المعنية حتى تتعزز مكانة تونس كوجهة سياحية وثقافية في الوقت نفسه.

وتتركز الخطة على أربعة محاور أساسية تتمثل بالخصوص في وضع خارطة لمختلف المواقع الثقافية والتاريخية وتهيئة وإحياء المواقع المفتوحة للزيارة وتنشيطها إلى جانب توفير الإمكانيات والوسائل الضرورية لتسويق المنتوج السياحي الثقافي.

وقد شهدت الإستراتيجية الوطنية للنهوض بالسياحة الثقافة دفعا جديدا بفضل مشروع نموذجي لتحسين وتعصير التصرف في التراث الثقافي وتثمينه بقيمة 33 مليون دينار يساهم في تمويله البنك العالمي. ويشتمل المشروع على إعادة تهيئة وتأهيل متاحف ومواقع أثرية وتطوير وتنمية الإشهار والتسويق وتدعيم الهياكل المشرفة على المواقع والمتاحف والمعالم.

وتنفيذا للسياسة التي اتبعتها تونس في مجال السياحة الثقافية توالت المبادرات من كل من وزارة السياحة ووزارة الثقافة لتطوير المنتوج السياحي التونسي وإثرائه وتنويع مصادره حتى يصبح قادرا على تدعيم مكانته بين الأسواق العالمية والمتوسطية بالخصوص.

وقد حرصت وزارة الثقافة والمحافظة على التراث على تنفيذ الجزء الأكبر من البرنامج العملي المناط بعهدتها وهي بصدد انجاز الأجزاء المتبقية في حين عملت وزارة السياحة على توفير الأرضية المناسبة للارتقاء بالسياحة الثقافية والمساهمة في انجاز العديد من المشاريع على غرار إحياء الطابع المعماري بالمدن العتيقة وتنظيم رحلات إلى القرى الجبلية والقصور الصحراوية.

وتعد وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية التي أذن الرئيس زين العابدين بن علي بإحداثها سنة 1988 من أبرز الهياكل الوطنية الناشطة في هذا الميدان حيث أوكلت إليها مهمة إحياء واستغلال التراث الوطني لغايات سياحية وثقافية.

وقد تم تحقيق نتائج ملحوظة في هذا الإطار حيث تعد زيارة المعالم والمتاحف والمواقع الدليل الثابت على النجاح في استقطاب الشرائح المختلفة من الزائرين فتطور عدد المواقع والمتاحف المفتوحة للزيارة من 37 سنة 1989 إلى 61 سنة 2004. وارتفع عدد الزائرين في نفس الفترة من مليون و382 ألف إلى مليونين و744 ألفا.

كما تم انجاز وتحسين العديد من هياكل الاستقبال والمرافق وتجهيزها في عديد المواقع والمتاحف بهدف الارتقاء بنوعية الخدمات المسداة إلى جانب إصدار العديد من الكتب والنشريات والمطويات بمختلف اللغات وتنظيم معارض في الداخل والخارج تبرز جوانب مختلفة من المخزون الحضاري فضلا عن تنظيم مهرجانات لموسيقى الجاز وغيرها في طبرقة والموسيقى السمفونية في الجم.