صباح: وجهة سياحية بعيدة ومختلفة
01/07/2005

بقلم وتصوير: ديريك مكغرورتي

تجد في "صباح" التي تقع في الجزء الماليزي من البورنيو، اهتماما جديدا ولمسة إثارة من خلال الفرص التي توفرها، مثل المشي في الغابات الاستوائية، السياحة على المياه البيضاء، وصعود الجبال حيث يبلغ ارتفاع جبل "كنابالو" 14 ألف قدم، وهو أعلى جبل في جنوب شرقي آسيا. والألوان النباتية في الفنادق والشوارع والحدائق تأسر العيون والقلوب.

وفندق "شانغري-لا راسا ريا"، على مدى ساعة بالسيارة من كوتا كنابولا، هو متميز في كونه واقعا بالقرب من حديقة إعادة التأهيل "أورانغ أتان" (والأورانغ أوتان ضرب من القرود تتميز به هذا المنطقة)، وهي بدورها واقعة داخل المحمية الطبيعية، ولها مساحتها الخاصة ضمنها، وعلى مسافة مشي عشر دقائق داخل المحمية. وأي قرب هذا من الطبيعة يتوفر لك في بقائك في هذا المنتجع؟ ويجري إطعام الأورانغ أوتان مرتين في اليوم، والاقتراب منها هو تجربة لذيذة. وهذا هو فقط واحد من ست طرق للتمشي في هذا الفندق. وأساليب المشي متعددة، من المتمهل الذي لا يزيد على عشرين دقيقة إلى المشي الذي يصل إلى ثلاث ساعات. وهناك محطة لإطعام الطيور، ومملحة (مناطق للملح)، مكانات للتخفي وشرفات لمراقبة الطيور. ويمكنك، بمساعدة المرشد، أن ترى أنواعا من الطيور، والفراشات والأوركيد. وزوجان من الهدهد قد اتخذا عشا لهما في الشجرة التي تقف عند مدخل الفندق.

لقد أقمت في الفندق "الشقيق" لراسا ريا، وهو فندق "تاتجونغ أرو ريزورت"، القريب من العاصمة "كوتا كنابالو"، مع توفر سيارة مخصصة للنقل بين الفندقين. ونظرا للمساحة الواسعة لأرض الفندق، 25 هكتارا من الحدائق، فهناك المسابح، وعدد من المطاعم الراقية والشواطئ الرملية على بحر جنوب الصين. والغرف كبيرة ومجهزة تجهيزا حسنا، وبعضها له شرفات ذات إطلالة رائعة على البحر. وهناك مركز كبير للعناية بالأطفال يدار من قبل المستخدمين في الفندق. وأما فعاليات الكبار، فهي تشمل ألعاب الماء، اليوغا، والألعاب الرياضية، والتدريب الحرفي، بالإضافة إلى جولات لاستكشاف الفندق. والحدائق الهادئة توفر راحة تامة.

وجبل كنابالو ،14,400 قدم، مثير للإعجاب. يبدو واضحا بعض الأحيان في الصباح، كما أنه يميل إلى الغياب تحت الغيوم بعد الظهيرة. والرحلة اليومية إلى حديقة كنابالو الوطنية تأخذك إلى ارتفاع 5 آلاف قدم. والطريق الملتوي يعطيك منظرا جبليا هائلا للقمة التي تلوح من خلال الغيوم هنلك في الأعالي. وهناك 24 نوعا من الأشجار المزهرة (المعروفة باسم "رودوديندرونز") والأوركيدات الفريدة توجد في هذه المناطق. وأي شخص له لياقة بدنية كافية، فبإمكانه التسلق نحو القمة. والمشي الذي يستمر ليومين، يتضمن المبيت لليلية واحدة في بيت للمسافرين على ارتفاع 11 ألف قدم، يتبعه التحرك المبكر لتسلق نصف الميل الأخير من الصخور الغرانيتية قبل وصول القمة. وعلى بعد 40 كيلومترا، هناك منابع المياه الحارة، وعليها جسر، يخترق الغابة الاستوائية، وهو ليس لمن يخافون القمم ولكنه يوفر منظرا جويا رائعا.

"كوتا كنابالو" مدينة حديثة نامية حيث تتوفر فيها مبردات الهواء والأسواق الحديثة (المولات) والتي تتكامل مع الدكاكين الصغيرة والأسواق الزاهية. وهناك جامعان جميلان جدا وأيضا متحف صباح الوطني.

وأول الإعمار هنا جرى في قرى المياه، التي ما زالت ترى في كل نواحي ولاية صباح. والبيوت التي تقف فوق الأرض التي يحملها طمى المياه، تتصل فيما بينها عن طريق ممرات من ألواح خشبية. والناس هنا مسالمون ويتشوقون إلى الكلام مع السياح. وعندما دعيت إلى داخل أحد المنازل عجبت من رؤية الأثاث الحديث، التلفزيون، ماكنة الغسيل والأرضية المفروشة بقطع خشبية مزخرفة.

وعلى بعد سياقة أربعين دقيقة بالسيارة من المدينة تصل إلى أرض ريفية مع غابات، ومزارع رز، وجاموس وبيوت قروية تعرف بـ"الكامبونغ". ولا يبدو أنها قد تطورت مع الزمن. وفي الوادي الملئ بالأشجار، هناك فرع لشنغري-لا، هو أوركيد دي فيلا، الذي يقف في هدوء جميل، ومحاط بغابات. ومن الواجب على عشاق الأوركيد زيارته! ولكوننا من المهتمين ولكن ليس من المتمرسين، فقد تعلمنا الكثير في ظرف زيارة نصف نهار. وبالإضافة إلى المعروضات والمزروعات الكثيرة من الأوركيد، هناك نباتات تتدلى بعد تسلقها الأشجار وهي تنتظر، بشكل مخادع، الحشرات الصغيرة لكي تدخل في باطنها الصمغي الذي لا مهرب منه! وهناك حوض للأسماك تسكنه أسماك الشبوط. ولكن ليست هناك أحياء أخرى غير الفراشات، الطيور والزنابير الكبيرة. وهناك مجمع مغطى بشكل غير كامل يشمل جسرا خشبيا وعددا من البيوت المغطاة بالنباتات والتي لها منظر جذاب.

ومن الأماكن القريبة من كنابالو، والتي يستحسن زيارتها، سوق توران الجميل (سوق الأحد)، والذي يأتي إليه أفراد من قبائل "باجو"، "دونسن"، "لوتود"، وهم بييعون الفواكه والخضروات والأسماك، وهناك القطار الذي يذهب إلى بابار وهو عبارة عن سفرة استعادة للماضي تستمر لمدة ساعة، وتنتهي عند "قرية مونسوبيد الثقافية"، وهي مبنية بطريقة تراثية وسط غابات استوائية، لتعكس الحياة التراثية للقبائل وصيادي الرؤوس، في محيط أصيل.

وبالرغم من أن البلد هو مسلم بالدرجة الأولى، فإن الأديان كلها يرحب بها، والأحد هو يوم العطلة بموافقة الجميع. وقد استقبلت في كل مكان بالابتسامات والحفاوة من قبل الناس في الفندق، والسوق والمحلات التجارية. ولا يتردد الناس في الخدمة ولا يتضايقون من ذلك، بل إنهم يقيمونها. وربما ستكون هذه الذكرى هي الأطول من إقامتي في هذه الوجهة البعيدة والمختلفة.