وزارة للسياحة أو هيئة للسياحة
26/08/2005

جريدة الزمان - مؤيد الصالحي

منذ عقود من الزمن ولت وأدبرت ولا تزال انشغالات المختصين وتطلعات العاملين في القطاع السياحي تتجه صوب قيام وزارة خاصة بالسياحة تقع على عاتقها مسؤولية النهوض الجاد والارتقاء الأمثل بإدارة السياحة على الوجه الأكمل بما يتماشى ويتناغم مع متطلبات سوق العمل السياحي.

وبقي العديد من الأسئلة الحائرة والقلقة عالقة في الأذهان تبحث لها عن أجوبة شافية حتى يومنا هذا، أية سياحة نريد؟ وأي السبل المؤدية إليها؟؟ وأية هوية سياحية نسعى إليها؟؟ ولاسيما في ظل مستجدات الأوضاع الخطيرة والظروف الصعبة التي لا تنفك تعصف بواقع الإنتاج السياحي المحلي متعدد الغايات والأغراض، منذ ظهور النشاط السياحي إلى حيز الوجود وحتى الآن، وان أبرز تلك الأسئلة تقف وراءها أفكار وطروحات تتفاعل بين ثناياها رؤى وتصورات المشهد السياحي اليوم وغدا تتمثل في الهيكلية التنظيمية المؤسساتية المثالية المطلوبة التي من خلالها يمكن احتواء الأزمة والخروج بها من عنق الزجاجة، فان موضع الخلاف ظل يتمحور حول خصائص وملامح ومكنونات تشكيل وزارة للسياحة أو هيئة أو مؤسسة أو مديرية تكون قادرة فعلا على بناء أرضية سياحية نموذجية صلبة توازي الجاذبيات السياحية وأهميتها و(الخامات) النادرة غير المكتشفة بعد، وظلت على الدوام حالات الانكماش والانغلاق ومسالة الانحسار والتخلف ترافق إدارة الموارد البشرية التي تمثل حجر الزاوية وصمام الأمان، ولاسيما في مجالات (الترويج والتسويق) بأبعادها التنموية الحيوية: (الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية) من خلال الاعتماد على عناصر بشرية تقليدية غير مؤهلة وغير مدربة لم تستطع الإحاطة التامة في مواجهة تفاصيل الواقع واحتواء أو حتى التخفيف من وطأته.

مما جعل صناعة السياحة تمر في أنفاق مظلمة أفقدتها هويتها الوطنية وخصوصيتها المتميزة ومضامينها الموضوعية، فأدي ذلك إلى تزايد الإخفاقات وحصول الاختناقات في مجمل مفاصل وجوانب الفعل السياحي اليومي، فلم تفلح أي من المبادرات الفردية برغم جديتها والتي ظهرت هنا وهناك في هذا المرفق السياحي وذاك، كما لم تنجح الخطط والبرامج برغم محدودية مفرداتها في تلمس الطريق السليم المفضي إلى فهم واستيعاب معالم ومديات آفاق العمل وفقاً لمقاييس ومواصفات الجودة السياحية السلعية التي تلبي الأذواق والرغبات وتحقق الإيرادات.

من هذا المنطلق ينبغي إعادة النظر في رص وترتيب عربات القطار السياحي واتخاذ المسار الصحيح الذي يوصل إلى محطات تتسم بالتوسع والانتشار والتطور، من خلال بناء هياكل جذب استثمارية كفؤة تزيد من تحقيق وفورات مادية وسلعية خدمية بما يعكس تحرير السياحة من التبعية التجارية في ضوء تصحيح أخطاء السوق السياحية، ولاسيما في ظل التحولات السياسية والاقتصادية الراهنة في مجتمعنا المدني الجديد بعيداً عن جهات الإشراف والوصاية والتدخل السافر غير المرغوب فيه من قبل الأطراف والجهات التي كانت سائدة، وهذا الأمر ليس فرصة للنيل من احد، بعد ذلك لا يهم إطلاقاً ربط الأنشطة والفعاليات السياحية بهيكلية وزارية قطاعية أو دون ذلك، مادامت الغايات واضحة والأهداف مرسومة والوظائف تضمن تحقيق وتائر نمو متصاعدة محسوبة بدقة متناهية لا تتوقف عند حد معين.