مطار فرانكفورت تحاصره مخاوف الشيخوخة
17/10/2005

لوفتهانزا تتجه إلى مطار برلين بعد ميونيخ 28/09/2005

فرانكفورت: أميرة محمد

لا يستطيع المرء عندما يواجه مجتمعات مختلفة عن مجتمعه أن يتوقف عن تأمل المفارقات بين ما يعجبه ومالا يعجبه في الاثنين، وما فعلته شركة الخطوط الألمانية لوفتهانزا في مطارات فرانكفورت وميونيخ يدعو للإعجاب والحسد والتساؤل: هل يمكن أن تفعل شركة أخرى مثل مصر للطيران نفس الشيء مع مطار القاهرة أو الإسكندرية؟ تساؤل غرضه الوحيد التمني! سبع ساعات هي عمر زيارتنا لمطار لوفتهانزا المعروف حاليا باسم «مطار فرانكفورت»، ثاني اكبر مطار في أوروبا بعد مطار هيثرو والحقيقة يجوز تسميته باسم الناقلة الألمانية، فكل حائط وكل كاونتر وسيور الحقائب، والمداخل والمخارج كلها موسومة بصورة «طائر» شعار الشركة الألمانية.

يستطيع الراكب في مطار فرانكفورت سواء كان مسافرا على لوفتهانزا أو على أي من الشركات أعضاء تحالف ستارز الذي تقوده، يستطيع أن ينهي إجراءاته دون التقيد بالوقوف في صفوف لإتمام حجز المقعد أو شراء تذكرة فورية أو تغيير موعد الحجز، فالمطار مزود بمئات الأجهزة الإلكترونية للناقلة الألمانية لإنهاء إجراءات مسافريها وأمتعتهم أيضا، أما ركاب الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال فلهم منطقة خاصة للدخول تسمي Driovlg.A,B لفحص أوراق الدخول أو الخروج في سهولة ملحوظة.

الإجراءات الأمنية ربما كانت السلبية الواضحة في التعامل مع غير الأوروبيين فقد تم تشديدها مؤخرا، مع توصيات الاتحاد الأوروبي الذي اقر مستويات جديدة لتأمين المطارات، وتنص التوصيات على فصل الرحلات القادمة والمغادرة إلى دول غير أوروبية على مرحلتين: الأولى يتم إخضاع الركاب لمراجعة أمنية قبل الصعود للرحلات المتجهة لأية دولة في الاتحاد الأوروبي، أما في المرحلة الثانية فسيتم إخضاع ركاب الدول غير الأوروبية لإجراءات أمنية، حتى لو كانوا متجهين لدولة غير عضو في الاتحاد.

ومطار فرانكفورت مطار لا يشبه مكانا آخر، من حيث تجمع أجناس مختلفة الأهداف والثقافات في مناخ خاص للمطار الذي يعد مدينة كاملة، يمكن أن يعيش الفرد داخلها حتى 24 ساعة إذا لزم الأمر.

جولتنا بدأت من «تراس الفروار» الذي يمكن منه متابعة إقلاع وهبوط الطائرات في المبنى الأول، مقابل رسم 3 يورو للكبار و2 يورو للصغار وكان علينا أن نختار بين ثلاثة أنواع من الجولات: جولة «ميني» أو صغيرة مدتها 45 دقيقة عبر ممرات الإقلاع والهبوط بين المبنيين الأول والثاني وجولة «ماكسي» Maxi مدتها 90 دقيقة لزيارة الوحدات المعاونة في المطار ثم جولة جامبو Jambo مدتها ساعتان ونصف الساعة هي تلك التي اخترناها لزيارة اغلب منشآت المطار.

حجم حركة الركاب في مطار فرانكفورت وصل هذا العام إلى 51 مليون راكب وحجم حركة الشحن تجاوزت 1.6 مليون طن، ورغم أن الكمبيوتر يتحكم في نظم الحجز ونقل الأمتعة وكل شيء تقريبا إلا أن حجم العمالة في المطار وصل إلى 62 ألفا نصفهم تقريبا يعمل بشركة لوفتهانزا، ويتصدر مطار فرانكفورت مطارات العالم كمطار محوري hub في سهولة تغيير الراكب لرحلته في زمن لا يتجاوز 45 دقيقة، وتستخدم فرابورت التي تدير المطار وهي ذاتها الشركة التي تدير مطار القاهرة منذ مطلع هذا العام ـ تستخدم أحدث نظم المناولة في نقل الأمتعة من رحلة إلى رحلة تصل إلى 130 ألف حقيبة في الساعة! الجولة انتهت عند مبنى استراحة الدرجة الأولى الذي أقامته شركة لوفتهانزا على نفقتها بالكامل، مقابل حق استخدامه مجانا لمدة عشرين عاما تعود ملكيته بعدها للمطار، المبنى فخم ومستقل تكاد لا تسمع أصوات هدير ماكينات مئات الطائرات في إقلاعها وهبوطها من حولك، والمبنى يسع نحو 200 مسافر في وقت واحد ومخصص لمسافري الدرجة الأولى ولا يسمح لمسافري الترانزيت باستخدامه.

وكل ما يحتاجه الراكب من مستلزمات الراحة والرفاهية يجده من غسيل ملابس، وغرف نوم وحمامات، وغرف عمل مزودة بوصلات التكنولوجيا اللازمة لرجال الأعمال وذوي الوقت الثمين. ورغم كل ذلك فان فرابورت التي تدير المطار بشراكة مع لوفتهانزا تخشى على أعمالها من التقلص والتجمد، مع توجه الناقلة الألمانية لإنشاء مقر بديل لها في مطار ميونيخ، وتوجهها أيضا للتشغيل إلى مطار برلين مع مخطط لفتح حجم أعمال مواز في شرق ألمانيا، ومخاوف فرابورت لا تقتصر على انسحاب الناقلة الألمانية، وإنما على المقاومة التي تلقاها في ذات الوقت خطط التوسع التي يرفضها سكان فرانكفورت، بسبب الضوضاء وزحف الممرات والمنشآت على المباني السكنية، ولن يكون أمام مطار فرانكفورت في المستقبل اختيارات كثيرة لمقاومة الشيخوخة الزاحفة، بينما تظهر مطارات أخرى ذات قدرة محتملة أوسع لتأخذ مكانة وعلى رأسها مطار ميونيخ الذي تشرف عليه لوفتهانزا بالكامل.