"سد الصين العظيم" حلم يتحقق
17/10/2005

الخليج 06/10/2005

سواءً أحببنا ذلك أم لا فإن العمل قد أُنجز في ما يمكن تسميته سور القرن الحادي والعشرين العظيم المصنوع من جدار ضخم من الخرسانة الملطخة بالصدأ ويرتفع 180 متراً ويصل عرضه إلى كيلومترين وتم إغلاقه بإحكام على أطول وأعظم نهر في الصين. ترتفع مياه منبع هذا النهر كل يوم لتكوّن بحيرة كثيرة التعرجات يمكن أن يصل طولها إلى 600 كلم وبعمق 100 متر. غير إن نهر يانيج الذي كان يزمجر ويتلوى بين صخور الجبال الجيرية وعلى امتداد 220 كيلومتراً أُقيم عليه سد “ثري غورجز” العملاق ويخشى أن يتحول مع مرور الزمن إلى شبه مستنقع معكر وكريه الرائحة ومن دون حياة.

ولا يراه الجميع بالمنظار نفسه فالبعض ينظر إليه كمصدر لتوليد الطاقة الكهربائية النظيفة ومنع الفيضانات السنوية المدمرة وبهذا يصبح مؤشراً على تقدم الصين الحديثة وقوتها ومكانتها. وما كان يجذب الناس إلى الجمال العظيم لهذا المكان الغارق في الأساطير والشعر ليس له علاقة بهذه المفارقة بل أنها الحقيقة البسيطة بأن الأثر الذي تركته يد الإنسان على هذا النهر أنتجت بالضرورة سلسلة من أعمق التغييرات المسجلة حتى الآن. فنهر اليانج الذي كان بالأمس متوحشاً جرى ترويضه وما كان مجرد نتاج جيولوجي وماء تحول الآن إلى نصب عملاق للتكنولوجيا والمبادئ والإنسان.

إنهم الصينيين الذين صنعوا هذا النصب حيث حلم ماو بنفسه بهذا السد قبل نصف قرن وتعاقبت الحكومات المختلفة في بكين في المساهمة في إنجاز هذا المشروع لتشريف وتخليد رجل الصين العظيم بلا منازع.

وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة إليه وإيداع العشرات من المنشقين المحليين في السجون، وعلى الرغم من المشكلات التقنية الكبيرة والمهمة الكبرى المتمثلة في ترحيل أكثر من مليوني شخص من مدنهم التي غمرتها المياه بُني السد في الوقت المحدد له تقريباً بالميزانية نفسها التي خصصت له.

وها هو يقف شامخاً الآن مع بحيرة المنبع وهي اكبر شاهد على هذا الإنجاز تلك البحيرة التي ابتلعت مياهها المتعاظمة الغابات والأكواخ والمزارع والمعابد والكروم ومزارع البرتقال والقبور والجدران المزخرفة بالخطوط الراقية.