الحي التراثي الجديد في دبي محاولة للإبقاء على شذى الحيØ
03/03/2006

بقلم حبيب سلوم

لقد كان خور دبي، ولسنوات طويلة، أشهر معالم المدينة. والخور طوله 14 كم، وهو يقسم المدينة إلى بر دبي، وهو القسم القديم منها، والديرة، وهو القسم الحديث (وهناك اليوم كثير من الأحياء الأكثر حداثة). وقد زادت أخيرا جاذبية الخور بمقدار كبير عن طريق إعمار "الحي التراثي"، وموقعه في الشندغة في بر دبي عند رأس الخور. والكثير من تاريخ دبي محافظ عليه في مجمعه المكون من القلاع والمساجد والقصور وغيرها من المعالم التاريخية، وكلها مشمولة ببرنامج سياحة المدينة.

وقرى الغوص والتراث هي قلب هذا الحي. وقد بذل الكثير من الجهد لإحياء مجد المنطقة القديم، ولكن التعميرات ما زالت مستمرة. وقد بني 32 منزلا قديما وهناك خطط يجري تنفيذها حاليا على جانب الخور لإكمال عدد من المتنزهات على البحر التي تفصل بينها المقاهي التراثية.

وتعرض قرى الغوص والتراث مهارات حرفيي الخزف والنسيج التراثي وهم يمارسون أعمالهم، وكذلك يعرض اللؤلؤ وكيفية الغوص عليه. ويعود الزوار بالذاكرة إلى زمن قديم كي يلمسوا شيئا من ماضي المدينة، وثقافتها وتراثها. والحي التراثي، بالإضافة إلى الخور، قد أصبحا من أهم مناطق الجذب السياحي لدبي.

والخور، وهو الأصل في تأسيس المدينة وشريانها الحي لقرون عديدة، هو جزء من العالم القديم الذي غلبه عالم جديد. وعلى شاطئه يرسو الكثير من العبارات والدهوات (والدهوات: سفنٌ خشبيةٌ شراعيةٌ قوية، لها صارٍ واحد وشراع) أو أنها تسير بهدوء على مياهه. وفي جانب بر دبي، تشق الأفق منارات المساجد وأبراج التهوية القديمة، وعلى جانب الديرة، تطل نصب أبراج القرن العشرين الحديثة على المياه المليئة بالحركة.

وعندما وقفت على جانب الخور في الديرة، وأنا حالم بماضي دبي الرومانسي، جذبتني أمثلة الشرق القديم عبر المياه، كما يفعل المغناطيس. وكان بمستطاعنا أن نعبر الخور بالعبرة التي لا تزيد كلفتها على 50 سنتا، ولكننا فضلنا سيارة أجرة من ذوات الدفع الرباعي والتي أخذتنا عبر الخور بسرعة، مجتازين جسري القرهود والمكتوم، وهناك جسر آخر تحت الإنشاء، وفي رأس الخور نفق الشندغة. ووقفت بنا السيارة عند منطقة البستكية في دبي القديمة، حيث هناك الكثير من البيوت القديمة التي لها أبراج تهوية.

وتجولنا لمدة ساعة خلال الأزقة الضيقة متأملين البيوت القديمة وأبوابها المزخرفة وأبراج التهوية الفريدة. لقد كانت جولة في زمن قديم، عادت بنا إلى الفترة السابقة على الثروة النفطية التي غيرت دبي بحيث أصبحت واحدة من أحدث وأجمل مدن العالم.

والقليل الباقي من أبراج التهوية، وأكثره قد أعيد إعماره، يمنح بر دبي فرادته. إنه رمز لعصر كان فيه الإنسان يحاول بوسائل قليلة أن يسيطر على بيئته الصعبة. وتدعى الأبراج "البادغير"، وقد أدخلت إلى دبي عن طريق التجار الإيرانيين الذين سكنوا البستكية وشندغة القريبة منها.

وكل وجه من هذه الإنشاءات المربعة التي تمسك بالهواء مكون من شكل يشبه V، وهو مقعر ومجوف وعليه أقواس، وله أعمدة وتشكيلات من الجص. ومن حيث المنظر، فإنها تشبه الكوى التي تعود إلى القرون الوسطى وهي مصممة لحصر الهواء من أية جهة ثم سحبه من خلال نفقها المجوف إلى الغرف في الأسفل.

والهواء الذي يسحب إلى الأسفل وتتزايد سرعته، يتوقف عند نقطة قريبة من الأرضية. وفي شهور الصيف الحارة، توضع الطنافس تحت نهاية النفق حيث يجلس أهل المنزل وضيوفهم للاستراحة، أو لتناول الطعام أو النوم. وفي أشهر الشتاء، ولمنع تسرب الهواء البارد، تغلق الفتحات بواسطة سدادات خشبية. وقبل أن تخترع المراوح الحديثة والمكيفات، كانت البادغيرات وسيلة فعالة جدا في تبريد البيوت.

ومن أبراج التهوية التي أعيدت لها الحياة، تمشينا إلى حي الشندغة وقرى الغوص والتراث. وقرية الغوص، الممتدة على مساحة 3,500 متر مربع، توفر للزوار رؤية لمحات عامة من الحياة في الإمارات ودبي وتعرفهم على الفنون والحرف والمعمار التراثي في الإمارات العربية المتحدة. ويمكن شراء البضائع اليدوية التراثية في الدكاكين الكثيرة التي يتألف منها السوق داخل القرية التراثية.

وأفضل وقت لزيارة القرية التراثية هو خلال مهرجان التسوق السنوي في دبي والذي يقام في منتصف شهر كانون الثاني/ يناير إلى منتصف شهر شباط/ فبراير عندما يعود عدد من الدول العربية إلى حياته البدوية الأصيلة. ويجري الاحتفاء بالأخلاق العربية، كالفروسية والكرم والضيافة والطيبة والفخر، كما كانت تمارس في الماضي، وذلك من خلال الرقص والشعر والغناء. إنه مذاق الحياة العربية الذي يعرض أيضا على الزوار من مختلف أقطار العالم.

وفي القرية التراثية، وخلال المهرجان، هناك خليط من الأزياء الوطنية العربية الراقية، ووسواس الحلي، ولمعان المجوهرات التراثية، ورائحة الحناء، ودردشة الناس الذين يشترون الأدوية التراثية، ورائحة الخبز الحار التي تمتزج برائحة القهوة التي تحمص، وبريق العيون الكحيلة، وهي تختلط بأصوات الضحك، والحرفيين التقليديين المنهمكين في نسج البسط والسلال، وكلها تعيد إلى الذاكرة الثقافة العربية التي تمتد عبر آلاف السنين. وخلال هذا الجو، ينتقل المرء بسهولة إلى جزيرة العرب القديمة، حيث كانت تلك الأرض عالما من الغموض والرومانسية.

وسرنا على أرضية شارع مرصوف للمشاة، فوصلنا النقطة الرئيسية في المنطقة التراثيةإنها بيت الشيخ سعيد المكتوم الذي أعيد إعماره بالكامل، وقد كان في السابق بيت الحاكم ومقر الحكومة. وقد بني بالحجر المرجاني والكلس، وله أبواب وشبابيك من خشب الصاج، ولنوافذ التهوية حجب من تصميمات نباتية ومشربيات. وهو يقع بجوار القرية التراثية، ويعرض تاريخ وتطور إمارة دبي منذ عام 1896. والبيت رمز لأفضل معمار تراثي عربي، وقد فتح أبوابه كمتحف منذ عام 1996.

وقد وقفنا عند إحدى شرفاته، متأملين جوانب المنظر البانورامي الجميل. وكان تحتنا فضاء واسع جدا مغطى بالبلاطة الملونة ذات التصاميم الدقيقة. ووراء ذلك، وعلى جانبي الخور، يندمج القديم مع ما بعد الحداثة.

وتنافست العبارات والدهوات مع البنايات المذهلة التي تناطح السحاب للحصول على الاهتمام. إنه منظر بديع متغير الألوان ويصلح لأن يكون بوسكاردا جميلا. وهذا المنظر الجميل وجاذبية المنطقة التراثية كان لهما الدور الكبير في جعل دبي مركزا عالميا للأعمال والسياحة يزوره نحو خمسة ملايين زائر سنويا.

إذا قررت السفر، هذه معلومات عن دبي:

1.    لدبي ارتباط جيد مع العالم، وهناك 106 خطوط طيران من المدينة إلى أكثر من 160 وجهة في العالم. وقد جرى توسيع المطار فأصبح واحدا من المراكز العالمية في الترانزيت، يمر من خلاله حوالي 22 مليون شخص، ويتوقع أن يصل العدد في عام 2010 إلى 60 مليونا.

2.    أغلب مواطني أوروبا وأمريكا وكندا لا يحتاجون إلى تأشيرة دخول مسبقة، ويمكن لهم الحصول عليها في المطار.

3.    تأجير السيارات يتم بأسعار معقولة. والسيارة الصغيرة ذات التأمين الكامل تكلف حوالي 30 دولارا في اليوم الواحد، وأقل إذا ما ساومت. والشوارع ممتازة، ولكن عليك توقع الازدحام وبعض السائقين المغامرين.

4.    الدولار الأمريكي يعادل 3.67 درهم إماراتي. وقد بقي السعر ثابتا لأكثر من عقدين من الزمن. صرف النقد وشيكات المسافرين عند الصرافين، وهم لا يأخذون عمولة على التصريف.

5.    أفضل طريقة لرؤية دبي هي من خلال الخور وذلك بواسطة الدهو التقليدي. ويمكن رؤية بعض معالم دبي الأساسية من خلال هذا الممر المائي.

6.    لمعظم سلاسل الفنادق العالمية تمثيل جيد في دبي، ولكن هناك مكانات للمبيت جيدة وبأسعار معقولة منتشرة في أنحاء المدينة.

7.    يمكن أن تحصل على وجبة طعام في المطاعم الشعبية بحوالي 4 دولارات، ولكن معدل كلفة الأكل في المطعم الجيد والفندق تتراوح ما بين 20 Ùˆ 30 دولارا.

8.    أفضل وقت لزيارة دبي هو في مهرجان التسوق، الذي يمتد لشهر، حيث الاحتفالات في الشوارع والتنزيلات في الأسعار، والجو الاحتفالي.

9.    وينبغي على كل سائح أن لا يغادر دبي قبل أن يذهب في سفاري الصحراء، برمالها وجمالها ومآدبها.

10.                     وأما النشاطات الأخرى، فأحضر بعضا من سباقات الخيل والجمال التي تجرى خلال أشهر الشتاء الباردة.

11.                     دبي عالم خيالي لمحبي التسوق، حيث إن هناك أكثر من 30 مركز تسوق حديث تعرض جميع بضائع أمم العالم. وأكثر الهدايا شعبية لدى السياح التي يعودون بها إلى بلدانهم، هي: دلال القهوة العربية، نماذج الدهوات الفضية والخشبية الصغيرة، المصوغات الذهبية، السجاجيد الإيرانية والخناجر العربية المعقوفة.

12.                     والمواقع التي ينبغي عليك أن لا تهمل رؤيتها في المنطقة التراثية، هي: متحف دبي، ومقره في قلعة الفهيدي وهو يعرض نماذج تصور تاريخ دبي، وبيت الشيخ عبيد بن ثاني التاريخي، وبيت الوكيل، وهو أول مبنى دائرة في دبي، وهو يحوي حاليا متحفا.

ملاحظة: جميع الأسعار المذكورة هي بالدولار الأمريكي.