فقط في دبي يكون الخيال واقعا!
05/05/2006

بقلم حبيب سلوم

"ماذا تقول؟ دبي ستستقبل 40 مليون زائر في حدود عام 2015! لاشك إنك تمزح!" ولقد بدا صديقي الصحفي مذهولا عندما أخبرته أن دبي ستصبح قبلة السياحة العالمية. وبالرغم من ذلك، فإن السائح الخبير الذي يتوقف عند هذه المدينة، والتي تم تحويلها خلال العقود الثلاثة الأخيرة من مكان صحراوي إلى مدينة عالمية متطرفة في حداثتها، سوف لا يختلف حول واقعية هذا الرقم. أكثر من 5 ملايين زائر للمدينة، يوفرون لها ما مقداره 2 بليون دولار سنويا والرقم يتزايد بسرعة كبيرة. والواقع أن من الممكن تجاوز الرقم المتوقع، وهو 40 مليون سائح.

لا توجد أمة أخرى في التاريخ الحديث قفزت في فترة قصيرة بمثل هذه السرعة؛ طائرات وأفضل الطرق السريعة في العالم أخذت مكان الدهوات وطرق الجمال كوسيلة للمواصلات. ومحت ناطحات السحاب والأبنية الضخمة الأخرى بيوت الطين وخيام البدو. إنه الخيال الذي أصبح حقيقة مدينة عالمية نظيفة ومنظمة تجذب السياح ورجال الأعمال. ويعمل مسؤولو السياحة في دبي بجد على التأكد من استمرار هذا الاتجاه.

أفكار ذات رؤية مستقبلية لمشاريع ضخمة يجري التقاطها بشكل تام واستثمارها بسرعة، في الوقت الذي تسير فيه دبي نحو كونها أول "أمة منتجع" في العالم. والمستثمرون من زوايا الكون الأربع يتقاطرون مع مشاريعهم الفريدة في غالب الأحيان، فيجدون آذانا صاغية. لدى المسؤولين في البلد أحلام كبيرة ويبدو أنهم دائما يحققون هذه الأحلام. وقد دفعت إنجازاتهم مجلة "ب. دي. آي" إلى وصف دبي بأنها "مدينة المستقبل الشرق أوسطية".

وقد أوصلت هذه الفعاليات قلب الإمارات العربية المتحدة النابض إلى نهضة عمرانية لا يمكن إيقافها. جزر النخيل، وهي ثلاث مشاريع لجزر اصطناعية أكملت أجزاء منها، سوف تضيف نحو 520 كم إلى ساحل دبي. وقد وصفت هذه الجزر بأنها "العجيبة الثامنة من عجائب الدنيا"، وهي تقف إلى جوار سور الصين في كونها البناء الذي يمكن رؤيته من الفضاء الخارجي. وقد جرى الانتهاء من واحدة من هذه الجزر، والجزيرتان الأخريان سوف يتم إنجازهما في السنين القليلة القادمة. وقد صممت الجزر من وجهة سياحية لتضم فيلات فخمة وفنادق جميلة والتي يمكن شراؤها من قبل الأهالي والمهاجرين والمواطنين من بلدان أخرى.

وتتنافس مع هذه الابتكارات الكبيرة "جزر العالم"، وهي مجموعة من 300 جزيرة اصطناعية، تمتد على مساحة 7x9 كم مربع، وقد جرى توزيعها بشكل استراتيجي لتمثل قارات العالم. وكل جزيرة تختلف عن الأخرى من حيث الحجم والشكل. والمشروع الذي يحمل شعار "جد مكانك من العالم" سوف ينتهى منه في عام 2008. ويتوجه المشروع بشكل أساسي نحو النخبة المحلية والسوق السياحية. والشخص الذي يشتري جزيرته له الحق في بناء ما يشتهيه بشرط أن لا يخالف ذلك قوانين البلد.

وهناك أيضا المشروع المثير والذي يبدو من عالم الخيال، وهو "متنزه دبي للتزلج على الثلج" وهو الأول من نوعه في الشرق الأوسط. وقد أكمل المتنزه في عام 2005، وهو متخصص بالألعاب الشتوية.

ويضاف إلى هذه الهالة الخيالية مشاريع "صدق أو لا تصدق" والتي تشمل الفندق المبني تحت الماء، وهو الوحيد من نوعه في العالم، ولكن جرى توقيف المشروع حاليا، وسوف يثبت على بعد من الساحل وبعمق 20 م تحت سطح الماء ويكون الوصول إليه فقط عن طريق نفق مرئي يمتد 520م ويسير فيه قطار.

وهناك العديد من الفنادق الراقية وفي غاية الفخامة التي تظهر إلى الوجود في كل مكان. وفندق برج العرب، وهو من فئة الستة أو السبعة نجوم، إذ يعتمد الأمر على من هو الشخص الذي تسأله عن ذلك. والفندق مبني على شكل قارب ضخم يرتفع شراعه إلى 400م، ويقال عنه إنه أفخم فندق في العالم. ولكن، على أي حال، أخذ ينافسه فندق مجاور هو مدينة الجميرة، وهو مصمم على طراز عربي ومعمار تقليدي وفيه مجمع للتسلية، وهو الأكثر جمالا في العالم خلال ربع القرن الأخير.

وسيكون برج العرب، بطوابقه التي تبلغ 124 طابقا، أعلى بناية في العالم عند إتمامه. وسيكون فيه فندق وشقق سكنية-بيعت أساسا- ودوائر. وستوضع على منارته أجهزة الاتصالات. ولكن الأكبر من ذلك هو مشروع مجمع مارينا دبي الذي يضم شققا وفنادق، والتي ستكون سكنا عند إتمامها لنحو 75 ألف نسمة. وضخامة هذا المشروع تذهل الذهن.

ويبدو أن لا نهاية لهذه المشاريع الضخمة، فهناك دبي لاند التي هي بمثابة جواب على دزني لاند، وهو سوق تجاري (مول) وحديقة ألعاب بقيمة 5 بلايين دولار أمريكي، يشمل 50 فندقا وحدائق استوائية اصطناعية مسقوفة بقبة زجاجية، ويتوقع افتتاحه في 2008. ويضاف إلى ذلك المشاريع الأخرى التي تقارب الانتهاء خلال السنوات الخمس القادمة، وهي: مدينة مهرجان دبي، ومركز للترفيه والتسوق، والمدينة المفقودة، وهي إعادة إنشاء مدن تاريخية منقرضة من جميع أنحاء العالم القديم، سكك حديد دبي، وهو مشروع مستقبلي يهدف إلى حل جميع مشاكل النقل في دبي، ومشروع مدينة الرعاية الطبية في دبي، الذي يهدف إلى جعل دبي مركزا عالميا متخصصا في الرعاية الصحية وحيث يقضي المرضى نقاهتهم في فندق من فئة الخمسة نجوم.

وقد تكللت جهود البناء المتسارعة في دبي من أجل تفعيل الاستثمار السياحي والمشاريع الضخمة بالشروع خلال العام الماضي بوضع خطط لتطوير الوجه البحري في جبل علي. وهذا صرح متميز وسيكون أكبر من مانهاتن، ويبدو من مرحلته الأولية أنه سيشمل مدينة العرب، وقناة العرب، بطول 75كم، وهي أكبر قناة اصطناعية في العالم. ومثل حصان عربي جميل فإن دبي تحوز السبق في مضمار السباق وبرونق يدهش العالم. وبالنظر إلى حركة البشر والبضائع من جميع أنحاء العالم اللازمة لمشاريع البناء التي تتوالد كالفطر، فقد أصبح مطار دبي واحدا من أسرع المطارات نموا في العالم. وتوسعت خطوط الإمارات الجوية -رمز دبي الشهير- على شكل طفرات، ناقلة حشودا ضخمة من السياح إلى هذه المدينة الترفيهية في الخليج.

وفي باب الرياضة، فإن هناك الغولف الذي أصبح من اختصاصات دبي، فهناك اليوم ثمانية ملاعب، وكلها تقريبا قد بنيت على طراز أفضل الملاعب الأمريكية، وسيتم بناء المزيد قريبا.

ومن خلال المشاريع ذات الطابع السياحي التي تم إنجازها أو التي هي في طور الإنشاء أو تلك التي مازالت في مرحلة التخطيط، فإن هدف استقبال 40 مليون زائر سنويا بعد عشر سنين يبدو واقعيا تماما.