السياحة: هل هي نعمة مقبلة على العالم الإسلامي؟
29/06/2004

لكل فترة من الفترات آيديولوجيتها الخاصة بها، والآيديولوجية التي يبدو أنها تمثل عصرنا هي السياحة، فالسفر، المغامرات، والاهتمام بالغرائبيات تكاد تكون في أوجها. والمؤتمرات والمعارض المختصة بالسياحة والسفر يتضاعف عددها يوميا. والسياسيون وأصحاب القرار مشغولون بحساب الفوائد التجارية من السياحة. واقتصاديات العديد من البلدان تأخذ تدريجيا بالاعتماد على الموارد التي تجلبها السياحة. ويبدو هذا التوجه واضحا في البلدان الغنية والفقيرة على حد سواء، وخصوصا لدى البلدان المنتجة للنفط، مثل بروناي، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة والكويت.

لقد أدرت المدياع ذات مرة واخترت محطة لا على التعيين فوجدتني أستمع إلى برنامج سياحي من مصر، ويبدو أن هذا البرنامج يذاع أكثر من مرة في الأسبوع لأنني استمعت إليه في يوم آخر أيضا من الأسبوع نفسه. وفي مرة أخرى استمعت إلى خطبة الجمعة منقولة على الهواء من الإذاعة المغربية فوجدت الإمام يتطرق إلى المسائل الاقتصادية للمغرب ويتوقف عند أهمية السياحة. وقد تطرق المشتركون في الملتقى الاقتصادي العالمي في الأردن السنة السابقة لموضوع السياحة، والتعداد يطول لو أننا حاولنا استقصاء كل ما جاء في حق السياحة.

هل هذا هو جزء من مسألة "ما بعد الحداثة"؟ هل هو شكل من أشكال التخلي عن الأسئلة القديمة والإجابات المعهودة؟ لست متأكدا من ذلك. أحيانا أتصور أن هذا تحليل صحيح، وأقول لنفسي إن سقوط الآيديولوجيات القديمة من جهة، ومحاولات عرقلة البديل غير المرغوب فيه من قبل الغرب هما السببان الأساسيان وراء الاهتمام بالسياحة. ولكن القوة الشرائية في بلدان الشمال وتضاؤل الموارد في بلدان الجنوب ربما يكون سببا أكثر معقولية من سابقه. ومهما يكن السبب فإن التوجه نحو السياحة والسفر هو توجه قوي ونافع أيضا وينبغي على العالم الإسلامي أن يكون متهيئا بالاستفادة منه وتوظيفه لخدمة نموه الاقتصادي. والتحدي الذي يواجه بلدان العالم الإسلامي هو هل أنها مستعدة لمواجهة التوسع العالمي في السياحة والسفر، وتكاثر الوجهات السياحية الجديدة وتوفير الخدمات للسياحة المتخصصة الجديدة.

العدد الحالي من السياحة الإسلامية يظهر التباين بين الوجهات السياحية المعروفة، مثل دبي وقطر، والأخرى الأقل حظا، والتي أثّرت عليها عوامل عدم الاستقرار الداخلي والحروب وانهيار الاقتصاد، مثلما هو الحال في أفغانستان والعراق. ويظهر من خلال المقارنة مقدار الجهد المطلوب والاستثمار اللازم توفره في هذه البلدان وغيرها من البلدان المشابهة لكي تحصل على حصتها من ثورة السياحة. ونضع أمام القارئ أيضا وجهات سياحية جديدة، مثل كازاخستان وأخرى ربما لم يعطها الكثير من اهتمامه، مثل سانت لوشيا. ونأخذ جولة في عدد من البلدان التي كتبنا عنها في الماضي، كما أننا نقدم تقارير عن عدد من المعارض الدولية. وسنعمل كل ما بوسعنا من خلال المجلة والموقع الألكتروني (www.islamictourism.com) لمساعدة العالم الإسلامي في أن يثبت موضع قدمه في صناعة السياحة العالمية، ولأن يجني ما يستطيعه من ثمارها الوارفة.

رئيس التحرير