مدينة فاس المغربية تجسيد للحلم الذي يراود السياح
08/07/2004

معتز عثمان - عمان

عاصمة الملوك والقصور والمتاحف وترف العيش والتقاليد المغربية العريقة، شبهها الكتاب السياحيون بمدينتي فلورنسا في إيطاليا وأثينا في اليونان حيث إن كل من يزورها باحثا عن جمال الطبيعة، أو كنز الحضارة، أو الحياة الغنية الزاخرة والمتنوعة، أو رائحة العطور الزكية، فإنه ينال مبتغاه.

تاريخ "مدينة فاس" غني جدا، فقد وصلها في العام 808 ميلادي مئات العائلات العربية المسلمة النازحة من الأندلس والذين حملوا معهم الحضارة الإسلامية التي كانت في أوج ازدهارها. ويشهد على ذلك حي الأندلسيين الذي يبهر ببهائه وتعدد بنيانه وجوامعه وقصوره التي تتنافس بينها بجمالها وألوان جدرانها الزاهية وأبوابها المذهبة وأرضياتها الهندسية الفريدة المبلطة بالرخام، وزخارفها المعمارية الإسلامية المعتمدة على الخشب المنقوش والنحاس المنحوت والزليج المتعدد الالوان والمشربيات والأعمدة.

في حي الأندلسيين وأثناء سيرك يتجه نظرك إلى صومعة غاية في الجمال بلونيها الأخضر والأبيض، إنها صومعة مسجد الأندلس ومدرسة الصهريج، حيث يمكنك الأصغاء إلى أصوات الأطفال وهم يرتلون القرآن الكريم، وحيث تلمس الأواصر المتينة التي تربط أهل مدينة فاس بدينهم وحضارتهم. أما مسجد القرويين والذي شيد سنة 857 ميلادية والذي يتميز بالسقف المعماري الفريد والمزخرف بقرميد زمردي براق، فما زال حتى اليوم أحد المراكز الرئيسية للأشعاع الثقافي الإسلامي بالمغرب العربي، وتحتوي مكتبته على 30000 مجلد وبها مصحف يرجع تاريخه إلى القرن التاسع الميلادي.

وفي العام 1300 ميلادي تم توسعة مدينة فاس وسميت "فاس الجديدة" حيث شيدت بها الحدائق والمساجد والمدارس القرآنية والأسواق والحدائق العامة. وفي الجنوب من المدينة تجد الشوارع الواسعة المزينة بالأشجار والاحواض المائية والأنوار والتي تضفي عليها جمالا فريدا.

ما زال الناس هنا في مدينة فاس يحتفظون بالأصالة. وأفضل طريقة للاستمتاع بجمال المدينة يكون من خلال التجول والمشي بمهل داخل أزقتها وأدراجها وممراتها وقببها ودروبها حيث أكواب الشاي الساخن الذي يتسابق أهلها بتقديمه لك، وعبير التوابل المنبعث من حوانيت العطارين، ومذاق الكباب والحلوى المعمولة بالعسل وأصوات الناس وضجيج الأدوات، والأهم من ذلك كله أهل المدينة الطيبين المضيافين والذين يشعرون بالسعادة البالغة عند خدمة زوارهم.

وعلى بعد بضعة كيلومترات تقع غابات الأرز الأطلسية الداكنة الخضرة والجبال الشامخة والبرك ذات المياه الصافية والينابيع النقية في منطقة "غولف فاس". وعلى مقربة، وفي قرية ايموزار، في منطقة كندار، تشاهد المناظر الطبيعية الخلابة، فالجبال والسهول والينابيع والهواء العليل تجتمع معا للترحيب بك. وبالقرب سيدي حرازم والتي تشتهر بينبوع المياه الساخنة المنغنيزية والمجهز بمحطة استحمام حديثة والمقام وسط أشجار الكاليبتوس والنخيل والدفلي.

كما يمكنك زيارة مدينة صفرو حيث السهل الأخضر والينابيع والوديان والشلالات. أما مدينة تازة فتكثر فيها المآثر والمتاحف، وستشاهد مسجد السوق الذي يضم إحدى أجمل الثريات النحاسية بالمغرب، والتي تشتمل على 514 فانوسا زيتيا. كما يمكنك التمتع بالسير وسط غابات البلوط، والأرز، والسرخس، والينابيع، والشلالات والبرك والثلوج على قمم الجبال.

وتشتهر مدينة فاس أيضا بأنها عاصمة الذواقين، وعند زيارتك لا تنسى تذوق البسطيلة الشهيرة والتي تحضر من أوراق العجين الرقيقة وتحشى بلحم الحمام أو الدجاج ويضاف لها السكر واللوز والتوابل.

وقبل انتهاء رحلتك لا تفوتك زيارة مغارة فريواط قرب تازة الواقعة على عمق 180 مترا والشبيهة بقصر تحت الأرض. وتبدو أروقتها منزلا للأشباح بفعل الرواسب الكلسية على جوانب المغارة. أما حمة مولاي يعقوب فمياهها الساخنة المنعشة تداوي أمراض الروماتيزم والأنف والحنجرة وأمراض الجهاز التناسلي. وفي الحمة أقيمت محطة استحمام جديدة ومريحة وفاخرة تتواجد بها فرق طبية شهيرة.