بلجيكا: دور متميز للمسلمين
05/09/2004

بروكسيل-نور الدين سعودي

على مايبدو أن من بين مميزات المملكة البلجيكية هي تعددها الإثني، بحيث تتكون أصلا من إثنية "والونية" ناطقة بالفرنسية وأخرى "فلامانية" تتكلم الفلامانية. بالإضافة إلى هذا، تحوي بلجيكا جالية مسلمة هامة. وإذا كانت هذه الجالية تضم تونسيين وجزائريين وفلسطينيين وإيرانيين وسينغاليين ومصريين وألبانيين وغيرهم، إلا أنها تتكون في أغلبيتها من المغاربة والأتراك الذين يمثلون حوالي 85 بالمائة منها.

وهذا مادفع السلطات البلجيكية إلى القبول بتمثيل الجالية المسلمة سنة 1998 ضمن "الهيئة التنفيدية للمسلمين"، بل وأكثرمن هذا أصبحت، بعد الانتخابات الأخيرة، امرأة من أصل مغربي وزيرة ضمن الحكومة البلجيكية الحالية. ويعد هذا سابقة تاريخية في أوروبا من جهة، ومصدر اعتزاز وفخر بالنسبة للجالية المغربية والعربية والاسلامية من جهة ثانية، لأن في ذلك اعتراف وتقدير واضحين وصريحين لمكانة ودور هذه الجالية على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.

كأنك في أحياء عربية

ويجتمع ما يزيد عن 40 في المائة من مسلمي بلجيكا في العاصمة بروكسيل التي يسكنها حوالي مليون نسمة، وهي تعد أيضا عاصمة الاتحاد الأوروبي الذي يتكون حاليا من 25 دولة. وتجد بالعاصمة أحياءً عديدة تعج بالمسلمين، أهمها أندرلخت وسان جوس ولاكن. وإذا جبت هذه الأحياء فكل ما تراه عيناك وتسمعه أذناك يحيلك مباشرة على ما ألفته في المدن العربية-الإسلامية: المتاجر والموسيقى ورائحة المأكولات وغيرها، وهي تذكرك بمدن مثل تونس والقاهرة والدار البيضاء.

ونظرا لأهمية الجالية المسلمة أصبحت العاصمة البلجيكية تضم ما يزيد عن عشرين مسجدا، أهمها مسجد بروكسيل ومسجد الخليل ومسجد التوبة.

ويرتبط مسجد بروكسيل بالمركز الاسلامي والثقافي لبلجيكا الذي تأسس سنة 1963 بمبادرة من عدد من السفارات الإسلامية ببروكسيل، غير أنه، إثر زيارة العاهل السعودي الملك فيصل سنة 1967، عرف هذا المركز نقلة نوعية. وبدعم من ملك بلجيكا بودوان وبتمويل من المملكة العربية السعودية تقرر بناء مقر جديد يليق بمكانة الجالية المسلمة ومركزها الديني والثقافي. وخلال سنة 1978 تم تدشين البناية الجديدة للمركز الإسلامي والثقافي من قبل الملكين بودوان وخالد بن عبد العزيز.

ومن أهداف هذا المركز التعريف بالدين الإسلامي الحنيف ووضع إطار لتسهيل ممارسة الشعائر الدينية بالنسبة للمسلمين والتعريف بالحضارة والتراث الإسلاميين لدى المواطنين البلجيكيين. لهذا، يقوم المركز الإسلامي بعدة أنشطة، من بينها: تنظيم ندوات شهرية ودروس أسبوعية تخص قضايا إسلامية وتوفير نشرات ومطبوعات وكتب تعرّف بالدين الإسلامي، والإشراف على إذاعة السلام وترجمة خطب الجمعة وتعليم اللغة العربية.

وعلى المستوى الاجتماعي يقوم المركز بمراقبة المواد الغذائية الحلال ليتأكد من مدى مطابقتها للمعايير الإسلامية ويقدم المساعدات المعنوية والمادية للمعوزين من المسلمين والمصادقة على عقود الزواج ومؤازرة بعض العائلات للتغلب على مشاكلها الاجتماعية.

وعلى المستوى السياحي، تمتاز العاصمة البلجيكية، وهي مدينة عريقة، بعدة معالم ومآثر تاريخية من قصور وكنائس وتماثيل غاية في الجمال وذات زخرفة دقيقة ومتنوعة. كما أن السائح يجد فيها عددا هائلا من الحدائق والمتنزهات البديعة والمريحة. وتنظم بهذه العاصمة عشرات المهرجانات، من أجملها حفل الزهور الذي تكسى خلاله الساحة الكبرى بسجادة من الزهور برسوم وتصاميم رائعة.

ولعل ماحققته الجالية المسلمة بالديار البلجيكية جدير بأن يحث باقي الدول الأوروبية على أن تعمل به تكريما لما أسدته تلك الجالية في سبيل تنمية دولها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.