شمال قبرص: ترحب بكم دائما
05/09/2004

لندن-كارين دابروفسكي

عندما تقول مسؤولة العلاقات التجارية الأوروبية في مركز شمال قبرص السياحي، ليمان أوزكان، بأن الأتراك ناس طيبون، فمن الصعب أن لا تصدقها.

وفي الرابع والعشرين من شهر نيسان/ أبريل هذا العام صوّت أكثر من 65% من القبارصة الأتراك في الشمال لصالح توحيد الجزيرة ودخولها الاتحاد الأوروبي. ولكن 75% من القبارصة اليونانيين في الجنوب صوّتوا ضدها. "لقد أوضح ذلك للعالم كله أن القبارصة الأتراك يريدون التعاون"، كما أكدت الآنسة أوزكان.

وتبلغ مساحة جزيرة قبرص نحو 3,571 ميل مربع. وأما عدد السكان فيقدر بنحو 793 الف نسمة. وعانت الجزيرة قبل عام 1974 من الاحتراب القومي والديني بين القبارصة الأتراك واليونانيين. وتدخلت الأمم المتحدة عام 1964 للفصل بين الطرفين، ولكن الجزيرة قسّمت عام 1974 بعد تدخل الجيش التركي والذي جاء على أثر انقلاب رتبته اليونان، وبقي الجنوب تحت ما يسمى جمهورية قبرص، وأما الشمال فقد خضع لسلطة تركيا، ولكنه أعلن عام 1983 عن قيام جمهورية شمال قبرص التركية والتي لم تعترف بها الأمم المتحدة أوغيرها ما سوى تركيا. وهناك منطقة فاصلة بين الطرفين الشمالي والجنوبي.

والحصار المفروض على شمال قبرص يعني أنه لا توجد رحلات جوية مباشرة إليه، وعلى المسافرين أن يتوقفوا في تركيا قبل إتمام رحلتهم إلى المنطقة. ولكن، خلافا للدعاية المعادية، فإن الشمال ليس منطقة عسكرية وأن السياح يرحب بهم دائما. ويستطيع مواطنو دول الاتحاد الأوروبي القادمون من الجنوب أن يعبروا إلى الشمال وبالعكس. والأمر نفسه يقال عن غير الأوروبيين إذا ما كانوا قد حصلوا على تأشيرة الدخول.

وتحس الآنسة أوزكان بالمرارة لعدم حصول الوحدة القبرصية ولكنها تبذل جهدها في هذه الحالة التي لا توصف بأنها مثالية لأجل الترويج للشمال كوجهة سياحية متوسطية وغير تجارية، كما كانت في السبعينات. لا توجد هناك طوابير إنتظار، لا محلات للهامبرغر، ولا إنشاءات كثيفة، والناس ودودون، الشواطئ نظيفة، والسياحة تجمع بين الشمس، البحر والثقافة، وأكلات تركية طيبة.

ويتألف شمال قبرص من خمس مقاطعات، فهناك كوزليورت في الغرب، وهي أرض خصبة تشتهر بالفواكه والخضراوات، والساحل الشمالي تحيطه جبال بيسبرماك (أو الأصابع الخمسة) ذات المنحدرات المغطاة بالغابات، والقمم الصخرية. وهناك الشواطئ الرملية والخلجان الصخرية تنتظر اكتشافها من قبل السياح، وفي الوسط مرفأ كيرا. وتشير أصابع شبه جزيرة كارباز إلى سورية. وهذه هي أرض بعيدة ولكنها أيضا جميلة، وفيها شواطئ خالية، وقرى قديمة، ومعابد وأضرحة، وآثار قديمة، وكلها تعكس التاريخ الثقافي الغني: الروماني، المصري، الإغريقي، الفرنسي والتركي.

والساحل الشرقي لمرفأ غازي ماغوسا طويل، وهو شاطئ جميل للسباحة والغوص، وأيضا مكان للتسوق والرياضة.

ونظرا لعدم وجود خطوط طيران مباشرة فقد قل السياح الذين لم يتجاوز عددهم عام 2003 أكثر من 70 ألف نسمة. ولكن الطيور تعوّض عن البشر، فهناك حوالي 100 مليون طائر من 250 نوعا تحط بالشمال القبرصي وهي في طيرانها من الشرقين الأقصى والأدنى إلى أوروبا. وهي تشكل جزءا من الموروث الطبيعي الغني الذي يوفره شمال قبرص التي تعرض تنوعا من قمم الجبال على ارتفاع 3000 قدم، في حالة جبل سلفي، إلى منحدراتها التي تتدرج ببطء وتنتهي عند البحر الذي يسكنه الرفش المشهور. وكل ربيع تقريبا يستغرب الزوار من مشاهدة حوالي 30 نوعا من العرائش ومزارع الحمضيات في كوزليورت حيث ينتشر عبق الليمون بأنواعه والرمان.

وإذا كانت وتيرة الحياة السريعة في الغرب تحيلك إلى الجحيم، فإن شمال قبرص يمكن لها أن تكون الجنة التي يأملها السياح. وشبه جزيرة كارباز هي المنطقة المرشحة لمحبي العزلة. وهذه المدينة التي تؤشر باتجاه سورية لها تاريخ طويل آثاره منتشرة في المنطقة، من القرى القديمة، المعابد والأضرحة، بالإضافة إلى المدينة التي كانت يوما رومانية؛ مدينة كارباسية.

والآنسة أوزكان المتفائلة دائما، تعتقد بأن الطيران المباشر إلى شمال قبرص سوف يتم قريبا. ولكن حتى قبل حصول ذلك، فإن زيارة هذه المنطقة هو أمر سهل مثل سهولة زيارة الجنوب. وجميع الخطوط الوطنية التركية والقبرصية التركية تنقلك من وإلى استانبول، أنتاليا وأنقرة. وهناك رحلات يومية من تركيا إلى شمال قبرص.

والقبارصة الأتراك يلقون زوارهم بالترحاب: أهلا، أهلا، أهلا، وهي تأتي من القلب.