صعود السياحة الإسلامية مؤتمر عالمي عن تأثير أحداث 9/11 عÙ
05/09/2004

لندن-كارين دابروفسكي

عقد البرزميس (الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط) مؤتمره السنوي في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن. وقد خاطب البروفسور غونتر ماير، من مركز البحث حول العالم العربي في جامعة مينتز (ألمانيا) المؤتمرين مشيرا في كلمته إلى أن تأثير الحادي عشر من سبتمبر و"الحرب على الإرهاب" أحدثا تأثيرا دراماتيكيا على تدفق السياح على الدول العربية. وتعاني بعض الوجهات السياحية العربية من شحة شديدة في أعداد السياح بينما استفادت مناطق أخرى من الارتفاع الكبير في أعداد الزوار. والمعلومات المتوفرة عن هذه التغيرات ما تزال قليلة جدا. ورغم ذلك، يمكن القول إن معظم الدول العربية تقوم في الوقت الحاضر بالترويج للتوسع في قطاع السياحة على نحو لم يشهد له مثيلا من قبل. وحتى بعض أقطار مجلس التعاون الخليجي، التي رفضت في السابق أي شكل من أشكال السياحة العالمية في الماضي، قد شرعت بتطوير مشاريع جديدة لجذب السياح من كافة أنحاء العالم، وخصوصا من بلدان العالم الإسلامي. وعشرات البلايين من الدولارات قد أنفقت في الإمارات العربية المتحدة وحدها لغرض رفع معدل وصول السياح إلى 15 مليون شخص في عام 2010. ولدى الدول العربية خطط مماثلة.

وتعتمد كل هذه الخطط على تقديرات نسبية عن مستقبل التطور السياحي من دون دراسات استقرائية ومعلومات دقيقة عن التوجهات الجديدة في السياحة العربية ودوامها. وهذا ما دفع مركز البحث حول العالم العربي في جامعة مينتز إلى الشروع بتأسيس شبكة عالمية من اختصاصات متنوعة، قوامها مراكز أبحاث وباحثين وباحثون أفراد متخصصون في موضوعات تتعلق بدخول السياح إلى العالم العربي، ومنه إلى العالم. ويجمع المركز بحوثا حول السياحة العربية تضم اختصاصات ومجالات متنوعة؛ علم الإنسان، دراسات تداخل الثقافات، دراسات اقتصادية، دراسات الجنس (المرأة)، الجغرافية، الإعلام، العلوم السياسية، الدراسات الدينية والإجتماع.

وتكلم الدكتور علاء الحمارنة عن السياحة الإسلامية، وهي استراتيجية جديدة في الصناعات السياحية في العالم العربي. وقد أخبر المؤتمر أن فكرة السياحة الإسلامية تشمل ثلاثة تصورات، تصور اقتصادي يهدف إلى زيادة التبادل السياحي بين أقطار العالم الإسلامي، تطوير وجهات سياحية جديدة وتشجيع التعاون الحكومي والمؤسساتي بين دول العالم الإسلامي، وتصور ثقافي يركز على النواحي الإسلامية في وضع البرامج السياحية ويعرض أماكن أخرى تحوي تراثا إسلاميا يود السائح المسلم زيارتها. السياحة الدينية و"التأويل" السياحي للحج يقع أيضا ضمن هذه الفكرة، وكذلك أفكار إسلامية محافظة تهدف إلى تعديل وضع صناعة السياحة وفق التفسيرات الإسلامية، بما فيها الفصل بين الجنسين، وعدم تقديم الخمور، وكذلك السياحة الممولة والمنظمة إسلاميا. والهدف منها هو خلق "سياحة للأمة الإسلامية".

لقد كانت المناقشات بشأن شكل وأهداف السياحة الإسلامية قد بدأت لتوها عندما حصلت الهجومات الإرهابية في نيويورك وواشنطن. ولم يحصل الانهيار المتوقع في السياحة العربية بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، ولكن التدفق العالمي للسياح قد تغير بصورة دراماتيكية: عدد الزوار من أمريكا الشمالية وأوروبا واليابان إلى العالم العربي قد هبط، في حال أن السياح العرب يقضون عطلهم بصورة رئيسية في دول عربية أو في دول أخرى إسلامية. وقد انتفع من ذلك لبنان، سورية، البحرين ومصر. وفي وقت قصير بعد حدوث 9/11 استطاعت هذه البلدان السيطرة على سياحاتها وتحقيق نمو متميز في الموسمين السياحيين الأخيرين.

وبغض النظر عن السيطرة على السياحة ونموها، فقد حصل هناك ميل ملحوظ نحو اضمحلال السياحة الثقافية. والوجهات التقليدية للسياحة الثقافية التي يهتم بها السائح الأمريكي والأوروبي بشكل كبير، لا يعنى بها السائح العربي بصورة عامة. ودفع هذا إلى إجراء تعديلات في الخدمات السياحية من أجل التكيف مع زخم التدفق النامي في أعداد السياح العرب والمسلمين. ووصل التعاون في السياسات السياحية بين البلدان العربية إلى حدود لم تعرف من قبل. والمؤتمر الإسلامي لوزراء السياحة أخذ يعقد بشكل منتظم منذ عام 2000، وكذلك ملتقى التبادل السياحي الأول من نوعه في العالم العربي الذي عقد في بيروت 2003 نجح نجاحا باهرا.

وتكلم أيضا في المؤتمر كرستيان شتاينر وكان حديثه حول استراتيجيات الشركات المتعددة الجنسيات في مجال السياحة في مصر ما بعد 9/11، وكذلك تكلمت أندريا فون سارنوسكي عن تكيف قطاع السياحة المحدود في جنوب سيناء مع تداعيات الأزمة.

وقد لاحظ شتاينر في السنوات العشرين الأخيرة أن قطاع السياحة قد توسع بسرعة فائقة. والمجالات الرئيسية التي نما فيها هي التسلية وألعاب الماء في ساحل البحر الأحمر وحول الريفيرا السينائية. وقد انتشرت الفنادق الراقية والمصايف في الساحل الطويل وهي تجذب السياح العالميين. وبعد 9/11 انخفض عدد السياح الغربيين بصورة دراماتيكية ولم يشهد تحسنا لحد الآن. وهناك تغير كبير وملحوظ في بنية تدفق السياح، فهناك عدد أقل من سياح الدول الغربية وارتفاع في عدد سياح الدول العربية.

ووصفت أندريا فون سارنوسكي انتعاش السياحة في سيناء التي تروّج لها الحكومة المصرية باعتبارها وجهة سياحية كبيرة. وجرى التركيز على تطوير شرم الشيخ، ذهب ونويبة. وقد جذبت ذهب ونويبة في الماضي السياح المغامرين والأفراد منهم ولكن هناك اليوم خططا لتطوير هذه المنتجعات. وأهم المعالم التي تجذب السياح في هذه المنطقة هي القديسة كاثرين، وهي دير للمسيح اليونان الأرثذوكس يعود إلى القرن السادس الميلادي، وجبل سيناء الذي هو موقع مقدس لدى المسلمين والمسيحيين واليهود.

والمهاجرون إلى سيناء يحلمون بتأسيس فنادق لهم بعد اشتغالهم في أعمال حقيرة في الفنادق. ويسكن البدو هذه المنطقة على مدى زمني طويل ولكنهم الآن لا يؤلفون أكثر من 25% من السكان بسبب زيادة أعداد المهاجرين. و90% من البدو يعيشون اليوم في بيوت ويشتغلون بصورة حرة في قطاع السياحة الفردية، مثل السافاري ووسائط النقل بين المدن المختلفة. وهم أيضا يديرون المطاعم ويبيعون الأعمال اليدوية إلى سياح السافاري.

ومساهمة البدو في قطاع السياحة محدودة حيث إن الحكومة تركز على الجزء الأعلى كلفة من السوق، وهم أيضا يتنافسون على الأشغال مع المهاجرين.