موقع «وليلي الأثري» نموذج لإنعاش السياحة الثقافية في ا
23/09/2004

الشرق الأوسط 15/09/2004

وليلي (مكناس): لطيفة العروسني

فوجئت ونحن نصل إلى موقع مدينة وليلي الأثري التي تبعد عن مدينة مكناس بحوالي 50 كيلومترا، في إطار زيارة نظمتها وزارة الثقافة المغربية لعدد من الصحافيين بمناسبة انعقاد الدورة الخامسة لمهرجان وليلي الدولي الذي أنهى فعالياته أخيرا، إن المكان رغم جماليته، موحش جدا، ويلفه صمت رهيب، في حين كنت أتوقع أن أجد أفواجا من السياح الآتين من مختلف بقاع العالم يتجولون داخل هذه المدينة الرومانية الشهيرة والتي تعد من أكبر المواقع الأثرية في المغرب.

لكن لم نلتق هناك سوى بسائحين فقط يتحدثان اللغة الأسبانية، يرافقهما مرشد لم أتبين إن كان مرشدا معتمدا أم لا، حيث تحذرك لافتة وضعت على مدخل الموقع من مرافقة مرشد مزيف.

سألت رشيد بوزيدي المحافظ بوليلي، الذي رافقنا أثناء هذه الزيارة وأمدنا بمعلومات وافية عن تاريخ المدينة الأثرية التي لم نستوعب كثيرا منها بسبب تركيزه على تفاصيل دقيقة، عن سبب غياب السياح عن هذا الفضاء التاريخي، فأجاب إن شهر أغسطس (آب) يعد من الشهور التي ينخفض فيها معدل السياحة، في حين يأتي السياح إلى هذا المكان بأعداد كبيرة خلال أشهر ابريل ومارس ويونيو ويوليو، وخلال عطلة رأس السنة الميلادية.

وأضاف البوزيدي أن موقع وليلي الأثري يحقق أعلى المداخيل مقارنة مع المواقع الأثرية الأخرى الموجودة في المغرب، تصل في بعض المواسم إلى حوالي ألفي دولار في اليوم، حيث حددت رسوم الدخول لزيارة الموقع بدولارين للفرد الواحد، وبالنسبة للسائح المغربي يعفى من أداء هذا المبلغ يوما واحدا في الأسبوع هو يوم الجمعة. وقال البوزيدي إن المغرب شرع قبل خمس سنوات في الترويج للسياحة الثقافية على غرار الدول المتقدمة، من خلال الاهتمام بالمواقع الأثرية وتنظيم مهرجانات فنية بها مثل مهرجان وليلي الدولي، الذي سيساهم في التعريف بهذا الموقع الأثري المهم والذي صنف عام 1997 كتراث إنساني.

وأكد أن السائح الأجنبي بمجرد وصوله إلى المطار يسأل عن مدينة وليلي ويحرص على زيارتها بحكم شهرتها، ويأتي في مقدمة السياح الذين يأتون إلى هذا الموقع: الأيطاليون والفرنسيون والاسبانيون والألمان واليابانيون أيضا.

تقع وليلي على الطريق المؤدية إلى مدينة سيدي قاسم شمال مدينة مكناس، التي تبعد عنها بـ35 كيلومترا تمنحك جولة داخل مدينة وليلى أو«فوليبليس»، فرصة لاكتشاف طبيعة الحياة في مدينة تمتد جذورها في عمق التاريخ البعيد جدا، فقد بناها الرومان قبل 2000 عام، وفي القرن الثالث الميلادي عرفت ازدهارا اقتصاديا كبيرا، بفضل تجارة زيت الزيتون، ومن بين المآثر التي ما زالت شاهدة على ذلك العصر الذهبي: معاصر الزيتون.

ويبدو أن أعيان المدينة كانوا يعيشون حياة مرفهة يدل على ذلك البيوت الفخمة التي كانوا يسكنونها، وتتوفر على غرف واسعة مزينة أرضيتها بالسيراميك، بالإضافة إلى مرافق أخرى مثل الحمامات. وبإمكان الزائر، أن يتجول في الشوارع المعبدة للمدينة، حيث كانت تنتشر الدكاكين، ليصل إلى المعبد الكبير وقاعة المحاكمات، ثم قوس النصر المعروف بقوس كركلا، وهو من اشهر المآثر في هذه المدينة يتحول منظره أثناء غروب الشمس إلى لوحة فنية ساحرة.