السيبة: بين سيبويه وابن بطوطة
21/10/2004

البصرة - عبد الامير الديراوي – جريدة الصباح -

السيبة.. مدينة يحتضنها الشط وتغفو على اهدابه وشاطئه الجميل محاطة بالزرع والنخيل والاعناب، فالخضرة صفتها الدائمة والهدوء كمالها الثابت.. فهي ترضع وتتغذى من مياه شط العرب لتزرع في النفوس المحبة والالفة.والسيبة التي تتوسط المسافة بين ابي الخصيب والفاو كانت من اهم مرافئ السفن ولموقعها التاريخي أهمية بالغة عند المشتغلين في التجارة والبحر.. غير ان للسيبة مكانة في التاريخ فلماذا اكتسبت كل هذه السمعة وكيف ومن اين جاءت هذه التسمية؟

يقول البحاثة البصري أحمد جبار أحمد وهو رجل سكن السيبة واهتم بالبحث عن تاريخها:

لمدينة السيبة مكانة وافرة في كتب التاريخ فقد قال ابن منظور في لسان العرب : السيب - العطاء والنافلة - والسيب ايضا مجرى الماء وقال الاصمعي اذا انعقد الطلع حتى يصير بلحا ً فهو - السياب- مخففة ومفردته سيّابة. كما قال في ذلك ايضاً - السري - سمعت البحرانيين تقول في النخل والتمر سياب وسيابة وفي حديث اسيد بن خضير - لو سألتنا سيابة ما أعطينا كها وهي البلحة او التمرة.

والسيبة هذا الاسم العزيز المبارك مجمع عطاء الله وآياته البينات ومن احب البلاد الى الله تلك التي بدعاء احب الخلق اليه محمد”ص “ . فقد اهدي الى رسول الله”ص “ طبق من تمر فجعل يأكل منه ثم قال:( الهم انك تعلم اني احبها فأنبتها في احب البلاد اليك واجعل عندها آية بينة) . والبصرة ام النخيل في الدنيا كلها.. فلا يبلغ نخيل كل العالم مقدار نخيل البصرة.. اذ قال الاصمعي..

 Ø³Ù…عت الرشيد يقول” نظرنا فاذا كل ذهب وفضة على وجه الارض لايبلغ نخيل البصرة “ . والسيبة صاحبة النسبة الاعلى في نخيل البصرة حيث جاء باحصائية التعداد الزراعي لعام1945 ان السيبة ضمن المناطق الكثيفة بالنخيل وبنسبة 26% بين مناطق البصرة الاخرى وهي القرنة Ùˆ(ابي الخصيب) والفاو وشط العرب والهارثه..

فلا غرابة ان يكون اشتقاق اسمها من نتاج النخيل.. حيث كانت السيبة مرفأ دائما لرسو السفن الشراعية امام كمرك السيبة لتعود محملة بالتمر الى بلدان العالم ..

ومن ابرز نخيلها- الساير - حيث اشتهرت قرية سيمان بهذا النوع اذ يعرفه تجار العالم فهو يصدر الى ارقى الاسواق في اوروبا.

ذكرها ابن بطوطة في رحلاته..وكذلك ياقوت الحموي اذ اشار الى انها مدينة قديمة كثيرة المياه والخضرة

وكانت السيبة موطن الجاحظ شيبان بن فروخ الابلي وحفص بن عمر بن اسماعيل ونما بين احضان انهارها ونخيلها عدد من الشعراء المعاصرين وابرز الاساتذة في المجالات الجامعية المختلفة.

والسيبة ميناء حيوي وهي تقابل مدينة عبادان الايرانية على الضفة الاخرى من شط العرب فكانت مركزاً مهماً لعبور المسافرين من والى البلدان وبنيت الموانئ فيها ميناء يدعى - الواصلية - حيث شيدت فيه ايضاً مدينة متكاملة لموظفي الميناء لتكون هي مركز الصلة بين مدينة البصرة والسفن والبواخر القادمة والمغادر للمياه العراقية..

بقي ان نعرف ان السيبة هي ذات الجدائل الخضر والعيون الخضر.. ونعني بالاولى سعف النخيل وبالثانية المياه الزرقاء الصافية . فهل هناك ما هو اجمل منها.