من أجل تقييم علمي للأداء السياحي
29/10/2004

الدارالبيضاء – نورالدين سعودي

شهدت هذه السنة انتعاشا ملحوظا للنشاط السياحي في أهم الوجهات السياحية العالمية، رغم عدم الاستقرار الذي لا زال يخيم على مناطق معينة من العالم. مما يدل ربما على أن ما أصاب القطاع السياحي خلال السنتين الأخيرتين كان مجرد سحابة صيف. من المؤكد أن عدة عوامل ساهمت، بهذا القدر أو ذاك، في عودة الروح للسياحة العالمية، لعل أهمها تحسن الأوضاع الاقتصادية في عدة أقطار من مجموعة الدول المتقدمة، ونهج سياسات سياحية تشجيعية من قبل عدة بلدان، وتنظيم الألعاب الأولمبية في اليونان، وتعدد الملتقيات الدولية السياسية والثقافية والفنية والعلمية.

كما بينت هذه السنة الاهتمام المتزايد، من قبل المسؤولين السياسيين والفاعلين الاقتصاديين، بالسياحة كقطاع اقتصادي متميز من شأنه أن يقوم بدور قاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لاسيما في الأقطار النامية. إلا أن هذه التحولات الإيجابية تستدعي المزيد من الجهد والاجتهاد والابتكار في بلورة سياسات سياحية منسجمة أكثر فأكثر مع متطلبات السياح التي أصبحت متعددة ومتنوعة وآخذة بعين الاعتبار المنافسة المتعاظمة بين مختلف الوجهات السياحية، جهويا وعالميا.

وما تبرزه آخر أخبار السياحة العالمية أن الدول المتقدمة بدأت منذ نهاية شهر أيلول/ سبتمبر في تقييم الموسم السياحي، بهدف الوقوف عند إيجابياته وسلبياته. وقدمت التقارير بهذا الصدد، التي لم تقف عند تشخيص الوضع فحسب، بل أعطت مقترحات لتطوير الإيجابيات والحد من السلبيات. وثمة نقاش واسع في الأوساط الحكومية والمهنية والإعلامية حول هذه التقارير وما قدمته من اقتراحات.

والمفترض أن تقوم الدول العربية والإسلامية بعمل مماثل وأن تحذو حذو الدول المتقدمة من حيث التقييم العلمي لمسيرتها السياحية، ورسم الخطط والأهداف، لكي تكون في مستوى ما تفرضه المنافسة العالمية في المجال السياحي ولكي تتمكن من إبراز وجهاتها السياحية المتميزة على خريطة السياحة العالمية. وعليها أن تقوم بذلك بالسرعة المطلوبة، لتعزز قدراتها التنافسية. كما عليها أن تدعم التعاون فيما بينها في هذا المجال الاقتصادي الحيوي والاستفادة من تجارب بعضها البعض. وبتطوير أدائها السياحي، وانتهاج الأسلوب العلمي في التقييم والعمل، ستتمكن هذه الدول من جلب الاستثمارات الأجنبية التي قد تعطيها دفعة هامة في تحقيق تنمية مستديمة تعود بالنفع على مجتمعاتها.