هل تصلح فرنسا لتكون مدرسة السياحة العالمية؟
29/10/2004

باريس-عبد الصاحب الشاكري

بعد صدور عددين من الطبعة الفرنسية لمجلة السياحة الإسلامية، أخذت المجلة وموقعها الألكتروني يحتلان بعدا جديدا في فرنسا والبلدان الناطقة بلغتها. وفي الآونة الأخيرة حضرت معرضين مهمين في فرنسا، الأول هو معرض توب ريزا في دوفيل، والثاني معرض م. آي. تي. في باريس. ويجد القارئ تقريرا عن المعرض الأول في هذا العدد، أما المعرض الثاني، أي معرض باريس، فقد أثر في نفسي أجمل تأثير حيث برزت أمامي أهمية الصناعة السياحية. وقد استمتعت به كثيرا وذلك من خلال يومين من تجوالي بين الأجنحة التي يكاد أن يكون معضمها فرنسيا.

لم تشارك في هذا المعرض إلا بضعة أجنحة من الدول الأوربية الملتحقة مؤخرا بركب السوق الأوربية، وهي أجنحة بسيطة. وتكمن أهمية هذا المعرض في إبرازه كل المقاطعات الفرنسية، والتي تعطي المرء الانطباع بأن فرنسا هي أم السياحة، حيث إن كل ركن من أركان هذا البلد مبرز سياحيا. والدليل على ذلك هو توفر مئات الكراسات المصورة والصور والأفلام التي تبرز معالم المواقع السياحية والإبداعات والابتكارات السياحية. وهناك العديد من الأجنحه التي تمثل قطاعات كبيرة من الهياكل السياحية، فبعض الشركات تمثل وتملك ما لا يقل عن 4000 فندق، وأخرى تملك آلاف المطاعم من نوع مطاعم الطرق السريعة. وهكذا الأمر مع شركات نقل السواح ومكاتب السفر والسياحة. الغريب في الأمر أن معظم الذين اتصلت بهم انصب اهتمامهم على السوق الفرنسية، كأن فرنسا تمثل قارة سياحية، حيث لا تجد هذه الشركات ضرورة للخروج للأسواق العالمية.

شغل المعرض قاعتين فقط من موقع المعرض الكائن في بورت فرساي الذي تتوفر فيه عشرات القاعات. القاعة رقم 5 جمعت كافة الأجنحة التي تسوق منتجاتها إلى شركات السفرات السياحية الجماعية مثل تسويق المواقع السياحية على اختلاف أنواعها وعلى امتداد الساحة الفرنسية ومؤسساتها الفندقية والمطاعم وأنواع المواد الغذائية والمشروبات ومكاتب السفر وغيرها. أما القاعة رقم 6 فقد كانت مخصصة لمصنّعي الباصات السياحية والمشغلين لها والتي تعتبر كالشرايين التي تدب من خلالها الحياة السياحية.

لقد شرح السيد جايلز دي روبن وزير السياحة الفرنسي أبعاد السياحة والصناعة السياحية. وبالرغم من إني لا أتكلم اللغة الفرنسية لكنني فهمت بعض مقتطفات كلمته. وقد شجعني ذلك من أن أتقدم نحوه وأقدم له مجلة السياحة الإسلامية بنسختيها الفرنسية/العربية والإنكليزية/العربية مع قرص سي دي يعرّف بموقع السياحة الإسلامية على الانترنت وأعربت له عن أملي بأن تفتح هذه المجلات آفاقا جديدة للسياحة وقد تقبلها بلطف وشكرني على ذلك.

إن صلتي بالسياحة في فرنسا قديمة، حيث إني تجولت في الكثير من مقاطعاتها ومدنها واطلعت على معالمها الصناعية والسياحية عبر 50 سنة من عمري. وكانت زيارتي الأولى لها سنة 1955 وتوالت زياراتي لمعارضها الصناعية وكسائح في أوقات الفراغ والآن كناشر للسياحة الإسلامية. والسياحة في باريس وفرنسا ليست سياحة الملاهي والخمرة والجنس كما يرى البعض، وإنما هي سياحة بلد عريق غني بمواقعه التراثية والطبيعية والترفيهية العائلية وغيرها مما سخرت وأنتجت عقول وطاقات الشعب الفرنسي بحيث أصبحت فرنسا اليوم الأولى في المضمار السياحي في العالم. لكل ما جاء أعلاه. والسؤال هو: هل سيأخذ السيد دي روبن بيد الصناعات السياحية الفرنسية وعلومها ليجعل من فرنسا مدرسة الصناعة السياحية؟ هذا ما نأمله.

أخيرا إذا كانت السياسة تباعد بين الشعوب فالسياحة تقربها فلنعمل جميعا من أجلها.