السياحة صناعة واقتصاد وحضارة
12/11/2004

 Ø¬Ø§Ø³Ù… محمد كاظم -جريدة كل العراق-

قد تبدو الكتابة عن هذا الموضوع حالة من حالات الترف غير المبرر وقد يقال إن من الهموم والمشاكل التي يعاني منها بلدنا الجريح، تغيب الاهتمام بهذا الجانب المهم والحيوي في حياة العراق والعراقيين. فالجانب السياحي لا يعد وسيلة من وسائل المتعة فحسب بل هو مورد مؤثر من الموارد المادية والاقتصادية لكثير من الدول التي تفتقر إلى الموارد الطبيعية ويكون اقتصادها ضعيفاً، فتوظف ما منحته الطبيعة والحضارة من أجواء ومناخات وبيئة وآثار ومرافق سياحية ذات الجذب للسائح إضافة إلى توفير وسائل الترفيه الأخرى مثل النقل والمواصلات والاتصال والمنام والمأكل ووسائل التسلية والترويح النفسي الأخرى. إن العراقيين الذين قاسوا ما قاسوه من شظف العيش والحرمان ومخلفات الحروب وتأثيراتها النفسية وبقايا آثارها مرسومة وموشومة على كثير من أجساد أبناء هذا الوطن الذي لم يشهد التاريخ المعاصر بلداً دمر وقتل أبناءه وشردوا وجاعوا وسجنوا مثل ما مر به وطننا العراق الغالي فحرياً أن تنظر الحكومة الوطنية الجديدة إلى هذه الجوانب المهمة والمؤثرة على نفسية العراقي أولا بتوفير كل مستلزمات الراحة والأمن والغذاء وكافة مستلزمات الحياة الجديدة.

والنظر بعين الجد والعمل الصحيح لبناء المرافق السياحية المهملة وإعادة بناءها وخاصة تلك التي تعود عليها العراقي مثل - الحبانية- الرزازة -حمام العليل -الثرثار وكافة المرافق السياحية الأخرى. فأنها إضافة لكونها تمثل جانب المتعة والراحة فهي مورد اقتصادي ملموس وتوفير فرص كبيرة للعمل فهناك الكثير من الجوانب التي ترتبط بالعمل السياحي من الناحية الاقتصادية.

السياحة ظاهرة حضارية متطورة: إن السياحة مرفق من مرافق الحياة المتطورة حيث دأبت كثير من البلدان على أحيائها والاهتمام بها كمورد اقتصادي مهم يشكل عنصراً لديمومة الحياة في البلد الذي تنتعش فيه صناعة السياحة فان ألمانيا وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية كان اتجاهها إبعاد أبناءها عن أجواء الحرب واستغلال أوقاتهم الخالية من العمل للاستجمام والراحة حيث أدى ذلك إلى نمو اقتصادي سريع ونجاح على الجانبين الصناعي والاقتصادي وازدهرت المدن السياحية بإقامة الفنادق الراقية والطرق السريعة والمطاعم الأنيقة وأكلاتها الشهية. وقد لجأت الدول المتقدمة إلى السعي لتوفير وتقديم أفضل الخدمات المتمثلة في تطوير الكوادر السياحية العاملين فيها. ومن الجانب الصناعي المرتبط بالسياحة فان الوسائل العلمية الحديثة والتكنولوجيا أدخلت في الصناعة السياحية وقد لجأ قسم من المستثمرين في بعض الدول إلى بناء فنادق ومنشآت سياحية تتماشى مع الاتجاهات السائدة والمتعددة ومنها الدينية والترفيهية والاثارية. وغيرها وبعض المستثمرين ذهب ابعد من ذلك حيث أقام

منشآت خدمية كبيرة قرب المطارات لتسهيل وصول السائح والزائر دون دليل أو سؤال ومضايقة حيث يجد الفندق ووسائل الراحة الأخرى قرب المطار في حالة من حالات توفير أسهل الخدمات وأقربها وهي حالة ترضي الزائر أو السائح وتغنيه عن متاعب وجهد وحيرة المؤثرات الاقتصادية من صناعة السياحة.

1- زيادة الإيرادات من العملات الأجنبية وهي تؤثر بصورة مباشرة على حالة الاقتصاد وزيادة قوة  الدينار العراقي وتجعله إضافة إلى قوته مطلوباً في الأسواق العالمية عموماً.

2- أن الإقبال السياحي ونجاح هذه الصناعة يرافقه نجاحات أخرى فبالتأكيد سوف تنتعش فروع متعددة من حياة الموقع السياحي والناس الذين يعملون فيه حيث الفنادق. والمطاعم وأصحاب الصناعات اليدوية والحرفية وتداول العملات المختلفة والإطلاع على حضارة الشعوب من خلال الاختلاط بهم أثناء زيارتهم.

3- تبادل الخبرات والثقافات بين الشعوب من خلال الاحتكاك وتعلم بعض اللغات أو على الأقل مفردات منها وقد حصل ذلك فعلاً حيث أن الزائر إلى العتبات المقدسة يلمس ذلك من خلال البائع حين يجده يتكلم بأكثر من لغة مع الزائرين ويتفاهم بلغة تجارية سياحية جميلة يقنع بها المشتري ويغريه ببضاعته.

4- توفير الجانب الصحي للسياح من خلال مرافقين وتقديم الخدمات التي تؤثر بنفسية السائح ويشعر بأنه وسط أُناس يحبوه ويحترموه. وبالتالي ينقل انطباعات تحفز الآخرين لزيارة هذا البلد. مقومات العراق السياحية: يمتلك بلدنا  العراق الجميل الكثير من المقومات الأساسية لصناعة السياحة حيث من المؤمل والمنتظر أن يكون من أهم بلدان المنطقة ومن العالم أيضاً في مجال السياحة. للأسباب التالية: إن العراق فيه مقومات بيئية طبيعية ومن صنع الإنسان. منها الموقع الجغرافي. المناخ. المسطحات المائية. والشواطئ والنباتات الطبيعية والطيور والحيوانات البرية وغيرها أما المقومات التي هي من صنع الإنسان فتشمل. الآثار والمدن ذات الحضارة والعمران. والتراث الشعبي والفلكلور. وأزياء وصناعات وعادات وتقاليد مضافة وأخرى خدمية، الفنادق والمطاعم والمسارح والمجمعات الخدمية وخدمات النقل والإيواء والمواصلات. والجولات الترفيهية الأخرى. الأماكن المقدسة: أن العراق بلد العتبات المقدسة والتي تدر إضافة إلى بركاتها أموالاً طائلة وخيرات هائلة نقدية وعينية وهي مصدر لو أحسن استغلاله لسد حاجة العراق اقتصاديا دون المصادر التي ينعم بها هذا البلد الذي أحبهُ الله سبحانه وتعالى من جوانب عدة. فالخير عميم والنعمة متوفرة تسد وتزيد ألا أن الأيادي التي لا تعرف الأمانة جوعت هذا الشعب بالرغم من غناه فأطلقوا عليه بعض الخبثاء (البلد الغني والشعب الجائع) وهي مصيبة لو تدري ما حجمها وثقلها. أن الحديث عن السياحة في جانب العتبات المقدسة يحتاج إلى دراسة وتقارير منفردة يطول الحديث عنها فأن مجرد التداول في هذا الجانب تحس بقيمة تلك البقع التي خصها  الله سحراً وبركة وجمالاً وخيراً وضمانة بأن الله العلي القدير سوف يضفي من نوره القدسي على تلك الأماكن المقدسة. ومن العوامل المهمة والمؤثرة والكبيرة في إنعاش حركة السياحة في العراق. وجود الجبال في شمال الوطن فهي ممتدة من مناطق السليمانية وأربيل ودهوك مثل جبل (كارا) وجبل (متينا) Ùˆ(حصاروست) حيث الطبيعة الخلابة والجمال الأخاذ الذي يضاهي أجمل بلدان العالم روعة وبهاءً فالثلوج والأمطار الكثيرة والمنابع المائية والشلالات والغابات الطبيعية الممتدة على أكثر من (100كم) وأن أبناء العراق الجديد يتطلعون إلى اليوم الذي تكون فيه الزيارات لتلك الأماكن اعتيادية وغير مرهونة بأي عائق أو منغص بعد أن أزيلت كافة مسببات الفرقة بين أبناء الوطن العراقي الواحد عرباً وكرداً وقوميات أخوية متحابة أخرى تنشد نشيد الوطن الواحد.