سوق السياحة العالمية" تحتفل بعامها الخامس والعشرين
12/11/2004

لندن - مينا العريبي      

الحياة 2004/11/11

تختتم "سوق السياحة العالمية" (World Travel Market - WTM) المعرض الدولي للصناعة السياحية أعمالها اليوم في العاصمة البريطانية بعد أربعة أيام حافلة من الفعاليات واللقاءات والعروض.

وتميز المعرض هذا العام بجو من التفاؤل والشعور بالإنجاز، إذ احتفل المنظمون بالعيد الخامس والعشرين لإقامة أول معرض لـ"سوق السياحة العالمية". وتوج الاحتفال إعلان المنظمين عن مشاركة أكبر عدد من العارضين منذ 25 عاماً، فاق عددهم 5000 مشترك بعدما انطلقت السوق بمشاركة 220 عارض فقط قبل ربع قرن.

وساد جو من التفاؤل بعد إعلان تفاصيل "تقرير السفر العالمي" الذي بين تجاوز سوق السياحة أزمات الأعوام الثلاثة السابقة، من أحداث أيلول (سبتمبر) عام 2001، إلى انتشار مرض سارس واندلاع الحرب في العراق مما عوق سوق السفر مع تصاعد التوتر حول العالم.

وكانت المحطة الأولى لفعاليات "سوق السياحة العالمية" مؤتمراً صحافياً يوم الاثنين الماضي لإطلاق "تقرير السفر العالمي" الذي كلفت منظمة "اي بي كي انترناشونال" مجموعة من المختصين بسوق السياحة لإنجازه. وتطابقت نتائج التقرير مع معلومات "منظمة السياحة العالمية" (WTO) التي أقرت بأن السياحة العالمية اليوم قوية وتزداد قوة يوم بعد يوم. وخلص الصحافي جيرمي سكيدمور نتائج التقرير في المؤتمر الصحافي قائلاً: "المسافرون اليوم مهتمون بتكاليف رحلتهم أكثر من المسائل الأمنية"، موضحاً إن المسافرين بدأوا يسيطرون على الخوف من السفر الذي تلي أحداث أيلول 2001. ووجد التقرير إن 34 في المئة من رجال وسيدات الأعمال ينوون السفر العام المقبل، مقارنة بـ20 في المئة العام السابق. وعلى رغم ارتفاع أسعار النفط العالمي الذي أدى لتوقع خسارة شركات خطوط الطيران نحو 4 بلايين دولار، إلا إن نسبة الطلب على الطيران لعام 2004 قد يصل إلى 6.2 في المئة أكثر من العام السابق. وتبين الإحصاءات من "الجمعية الدولية للسفر الجوي" و"المنظمة الدولية للطيران المدني" انه لولا ارتفاع أسعار النفط لكانت سوق الطيران شهدت أرباحاً ملحوظة في السنوات المقبلة.

وشهدت مناطق عدة نمواً في سوق السياحة العام الماضي، وكانت منطقة الشرق الأوسط من بينها، إذ ازدادت حركة السياحة في الشرق الأوسط 3 في المئة على العام الماضي. وكان هذا إنجازاً مهماً، إذ توافد السياح إلى الشرق الأوسط على رغم الحرب في العراق والمخاوف الأمنية. وكان الحضور العربي في السوق ملفتاً هذا العام، مع مشاركة دول من كل أنحاء العالم العربي، بما فيها الأردن ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر وسورية ولبنان والمملكة السعودية وليبيا وتونس والمغرب.

وكانت مشاركة الإمارات العربية المتحدة مختلفة هذا العام، إذ طغى جو من الحزن عليها. فامتنع المشتركون من أبو ظبي والعين عن الحضور، وكان موقع الإماراتيين جاهزاً وتلفه حبال تمنع الدخول. وعند مكان استقبال الزائرين، نصبت صورة للرئيس الإماراتي الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وتحته عبارة تعبر عن أسى الشعب الإماراتي واختيار الوفد القادم من أبو ظبي والعين عدم المشاركة تعبيراً عن حزنه. وعلى رغم مشاركة إمارة دبي، إلا إن الأسى كان بادياً على الوفود المشاركة، واختارت النساء لباساً أسود أو بني، وارتدى الرجال والنساء شارة من شريط اسود تعبيراً عن حزنهم. ولكن الاهتمام بالإمارات العربية المتحدة من قبل الكثير من الحاضرين وعرض إنجازات الدولة بين مدى تطورها تحت قيادة الشيخ زايد.

وحضرت وفود رسمية من دول عدة، بمن فيهم وفد سوري يرأسه وزير السياحة السوري سعد الله آغا القلعة الذي عقد مؤتمراً صحافياً أول من أمس شرح فيه إنجازات سورية في مجال السياحة بعدما أعلن عن ارتفاع عدد الزوار إلى سورية بنسبة 50 في المئة على العام الماضي.

وبينما أخذ الموقع السوري والإماراتي طابعاً عربياً تقليدياً في العرض، اختارت دول أخرى مثل قطر طابع أكثر حداثة. ولكن كانت جائزة أفضل تصميم من نصيب موقع "طيران الخليج" الذي كان على طابقين وزين بلوني الذهبي والأزرق، ألوان الشركة.

وكانت سيارة سباق في مدخل موقع "طيران الخليج" تستقبل الزائرين وتذكرهم بسباق "فورميلا وان" في البحرين شهر نيسان (ابريل) العام المقبل بعد نجاح السباق الأول العام الجاري. وقال أخصائي التسويق السياحي في مملكة البحرين حسن الشهابي لـ"الحياة" إن "تركيزنا الآن على سباق فورميلا وان والإعداد له بعد نجاح العام الجاري". وأضاف: "هذا مشروع مهم بالنسبة للملكة لتسويق البحرين عالمياً". وتابع: "مشاركتنا في معرض سوق السياحة العالمية تتطور عاماً تلو الآخر إذ أصبح من الضروري التواصل مع صناع السياحة حول العالم".

وتميزت زاوية الأردن بمساهمة شركة "تجربة الجيش الروماني ومركباته الحربية" في جرش التي مثلها المدير العام فواز زعبي. ونجح زعبي بالترويج لفعالية "تجربة الجيش الروماني" واستقطاب الزائرين إذ لبس لباس المحاربين الرومان القدامى، بما فيها خوذة حديد وتنورة جلد اشتهرت في أفلام هوليوود مثل "غلادييتور" و"تروي". وقال زعبي لـ"الحياة": "حصلت على الكثير من الابتسامات وهذا ما نريده". وبدأ التخطيط لإحياء عروض الجيوش الرومانية وسباقاتها منذ عام 1973 وعام 1986 اختيرت جرش للموقع بعد ترميم مضمارها الأثري. وتوقع زعبي ابتداء العروض والسباقات بأربعين "محارباً رومانياً" وخمسة مركبات للسباق شهر نيسان العام المقبل. وأوضح زعبي: "يقول الخبراء إن نسبة السياحة في الأردن ستزداد عشرة في المئة، لكن هدفنا هو استقطاب سكان جرش وإشراكهم بسوق السياحة التي يبدون بعيدين عنها بعض الشيء". وأضاف: "نأمل بنفع سكان جرش وتشغيلهم وتحريك الاقتصاد المحلي". وتابع: "استفسر الكثير من السياح والشركات السياحية عن شركتنا ووجودنا في سوق السياحة العالمية ساهم بانتشارنا". وخلص: "نريد أن نعيد إحياء تاريخ أساليب الحروب الرومانية وسباقات المركبات على أسس تاريخية واستشرنا الكثير من المؤرخين وأكاديميين، بمن فيهم المستشار التقني لفيلم غلادييتور".

ولم تختصر المشاركة في المعرض على وزارات السياحة ووكلاء السفر. إذ وجدت مواقع لشركات الفنادق وتأجير السيارات والهواتف النقالة وحتى تعلم اللغات. وقال مدير شركة "يوروتوك" لتعليم اللغات ديك هاوسن إن شركته تسعى "لتعليم الزائر كلمات أساسية تسهل زيارته إلى بلد جديد". وتعتمد شركة "يوروتولك" على مبدأ إن "المبتدأ مثل طفل في الخامسة من عمره، فعلينا تعليمه بالألوان والألعاب وطرق مختلفة". وكل سبل التعليم تنحصر في اسطوانة للكومبيوتر، تقدم على ثلاث مراحل مختلفة إلا إن "معظم السياح يكتفون بالمرحلة الأولية" بحسب هاوسن. وشرح إن الطلب الأول في بريطانيا هو على اللغة البرتغالية، إلا إن في فرنسا الطلب على اللغة العربية عال جداً. وتعتمد الشركة على اللهجة المصرية لتعليم العربية، وأخيراً أنتجت اسطوانة لتعليم اللغة الكردية (العراق). ولفت هاوسن إلى إن "حتى معرفة كلمة أو كلمتين يساعد على بناء روابط حميمة بين شخص أو آخر وتجعل رحلة إلى بلد جديد أجمل وأريح". وشدد جميع من حدثتهم "الحياة" في "سوق السياحة العالمية" على أهمية المشاركة في المعرض بعدما أثبت نجاحه وبنيت أساساته على مدى 25 عاماً. وبانتهاء معرض هذا العام، بدأ العارضون التفكير بمشاركة العام المقبل بعدما اعلن موعد "سوق السياحة العالمية" لعام 2005 بين 14 - 17 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.