جزيرة السندباد..
10/12/2004

البصرة - رؤيا الغالب (جريدة الصباح)

في فصول الرحيل الطويل عرف السندباد الصباحات على جزيرة تلقي الشمس بأشعتها عليها كسلاسل ذهبية ويعانقها الغيم كاشفا سر الوانها السبعة التي تمتزج بشط العرب.. هذه الجزيرة بعد ان ودعها السندباد سميت بأسمه ولاتزال تسمى بـ” جزيرة السندباد “.

وكما حكى لي شيخ بصري ان السندباد هذا هو تاجر وقف سفينته الصغيرة على شاطئ الجزيرة محملا بالعطور والحرير والبهار جاء زائرا لفترة ثم غادر واعتقد السكان ان هذا التاجر هو السندباد المشهور برحلاته العجيبة وقصصه الخرافية.

تقع هذه الجزيرة على بعد بضعة كيلومترات عن مركز مدينة البصرة والسيارة تقطع الطريق ما بين البصرة والجزيرة في نحو نصف ساعة ويفصلها عن المدينة جسر عملاق هو جسر خالد الذي

دمر في حرب التسعينات وهو في انتظار من يرحمه.. ولا يستطيع زائر البصرة ان يتركها دون ان يزور جزيرة السندباد والشواطئ المحيطة بها من كل جانب انها شواطئ صاخبة تحمل اسماء مختلفة وتصب في نهر واحد هو شط العرب يقصدها الضيوف العرب من دول الخليج كما ينتقل اليها المصطافون من المواطنين العراقيين وخاصة سكان العاصمة بغداد الذين يحملون معهم كل شئ.وعلى الرمال الناعمة تتلاقى العائلات والاصدقاء وترتفع الاصوات سعيدة فرحة، الكل سعيد لانه اتجه الى هذه الشواطئ الجميلة الساحرة، منظر رائع حيث لقاء شط العرب باشجار النخيل هذا اللقاء الذي صنعته الطبيعة واكملته يد الانسان لقاء الجزيرة بالوافدين ليصنعوا الحياة الجديدة على الشاطئ.

منذ سنوات ليست ببعيدة كانت هذه الجزيرة تستقبل خلال اشهر الصيف الطويلة في البصرة اعدادا من المصطافين والعرسان الجدد الذين يرومون قضاء شهر العسل بعيدا عن ضوضاء المدينة وبعيدا عن اعين الاهل والاصدقاء والذين يبحثون عن الهدوء على شواطئ الجزيرة تلك الشواطئ التي تتميز بالوان المياه الزاهية من فيروزي اخضر وازرق صاف وبنعومة الارض وخضرة النخيل والهواء النقي وكأنها لوحة رائعة من صنع فنان اصيل.

ثم بدأت تستقبل الجزيرة رحلات جماعية منظمة للاصطياف وخاصة ايام الجمع والاعياد والمناسبات ووسط لعب الاطفال وضوضائهم كانت الروابط الاسرية تقوي خلال تلك اللقاءات ويلتقي الشباب لتبدأ قصص حب تنتهي بالزواج وتبدأ رحلة شهر العسل على شاطئ الجزيرة حيث بيوت خصصت لاستقبال العرسان.. ذكريات لاتزال تذكر من قبل البصريين وامنيات بعودة الى ايام البساطة والطيبة والجمال.

وبدأت العوائل البصرية تهجر الجزيرة بعد الحروب التي مرت بعا البصرة واهملت الجزيرة ولم يزرها سوى العشاق الذين يبحثون عن مكان هادئ بعيدا عن اعين الغرباء.. وعادت الجزيرة الى اغفاءاتها واصبحت بلا زائر ولا عاشق سوى فئة من العوائل التي سكنت بيوتها بحجة انها عوائل مشردة وبلا مأوى واصبحت جزيرة السندباد حلما يراود الكثيرين.

دعوة لاستثمار هذه الجزيرة الساحرة سياحيا لتعود تجذب السياح وبذلك تنشط حركة البناء Ùˆ انشاء الطرق ومن ثم انتعاش الاماكن الترفيهية بعد عودة الامن والامان وهذه المشاريع تستطيع استيعاب الايدي العاملة الذي يؤدي الى ارتفاع الاقتصاد العام للبلد فالسياحة لم تعد وسيلة من وسائل الترفيه بل اصبحت وسيلة من وسائل اتصال الشعوب بعضها ببعض ووسيلة من وسائل التثقيف والتأثير الاجتماعي والسياسي.